أَوْلَادَكُمْ وَقَلَلْتُمْ وَكَثُرُوا. فَقَامَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ كُلّهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَجِدُ عِنْدَهُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ- أَبَا بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَسَعْدًا، وَمُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَأَوْسَ بْنَ خَوْلِيّ، وَعَبّادَ بْنَ بِشْرٍ- فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ.
فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَهُ وَتَغَيّرَ وَجْهَهُ، ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلَامُ، لَعَلّك غَضِبْت عَلَيْهِ! قَالَ: لَا وَاَللهِ، لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ. قَالَ: لَعَلّهُ أَخْطَأَ سَمْعُك! قَالَ: لَا يَا نَبِيّ اللهِ! قَالَ: لَعَلّهُ شُبّهَ عَلَيْك! قَالَ: لَا وَاَللهِ، لَقَدْ سَمِعْته مِنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ! وَشَاعَ فِي الْعَسْكَرِ مَا قَالَ ابْنُ أُبَيّ، وَلَيْسَ لِلنّاسِ حَدِيثٌ إلّا مَا قَالَ ابْنُ أُبَيّ، وَجَعَلَ الرّهْطُ مِنْ الْأَنْصَارِ [ (١) ] يُؤَنّبُونَ الْغُلَامَ وَيَقُولُونَ:
عَمَدْت إلَى سَيّدِ قَوْمِك تَقُولُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ، وَقَدْ ظَلَمْت وَقَطَعْت الرّحِمَ! فَقَالَ زَيْدٌ: وَاَللهِ لَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ! قَالَ: وو الله، مَا كَانَ فِي الْخَزْرَجِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَحَبّ إلَيّ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيّ، وَاَللهِ، لَوْ سَمِعْت هَذِهِ الْمَقَالَةَ مِنْ أَبِي لَنَقَلْتهَا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَإِنّي لَأَرْجُو أَنْ يُنْزِلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيّهِ حَتّى يَعْلَمُوا أَنَا كَاذِبٌ أَمْ غَيْرِي، أَوْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصْدِيقَ قَوْلِي. وَجَعَلَ زَيْدٌ يَقُولُ: اللهُمّ، أَنْزِلْ عَلَى نَبِيّك مَا يُصَدّقُ حَدِيثِي! فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مُرْ عَبّادَ بْنَ بِشْرٍ فَلْيَأْتِك بِرَأْسِهِ. فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَيُقَالُ قَالَ: قُلْ لِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، يَأْتِك بِرَأْسِهِ. فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ: لَا يَتَحَدّثُ النّاسُ أَنّ مُحَمّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ.
وَقَامَ النّفَرُ مِنْ الْأَنْصَارِ الّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَدّهُ عَلَى الْغُلَامِ، فَجَاءُوا إلَى ابْنِ أُبَيّ فَأَخْبَرُوهُ، وَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيّ: يَا أَبَا الْحُبَابِ، إنْ كنت قلته
[ (١) ] فى ب: «يقولون ويؤنبون» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute