كُلّهَا إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ. وَنَادَى سَعْدُ بن معاذ: يال أَوْسٍ! فَانْحَازَتْ الْأَوْسُ كُلّهَا إلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَخَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ حَزْمَةَ مُغِيرًا حَتّى أَتَى بِالسّيْفِ يَقُولُ: أَضْرِبُ بِهِ رَأْسَ النّفَاقِ وَكَهْفَهُ. فَلَقِيَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ فِي رَهْطِهِ وَقَالَ: ارْمِ بِهِ، يُحْمَلُ السّلَاحُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ! لَوْ عَلِمْنَا أَنّ لِرَسُولِ اللهِ فِي هَذَا هَوًى أَوْ طَاعَةً مَا سَبَقْتنَا إلَيْهِ. فَرَجَعَ الْحَارِثُ [ (١) ] وَاصْطَفّتْ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ، وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْحَيّيْنِ جَمِيعًا أَنْ اُسْكُتُوا، وَنَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ فَهَدّأَهُمْ وَخَفّضَهُمْ حَتّى انْصَرَفُوا.
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلِيّ فَجَلَسَ عِنْدِي، وَقَدْ مَكَثَ شَهْرًا قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُوحَى إلَيْهِ فِي شَأْنِي.
قَالَتْ: فَتَشَهّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمّ قَالَ: أَمَا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنّهُ بَلَغَنِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْت بَرِيئَةً يُبَرّئُك اللهُ، وَإِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِشَيْءٍ مِمّا يَقُولُ النّاسُ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ عَزّ وَجَلّ، فَإِنّ الْعَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمّ تَابَ إلَى اللهِ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ.
قَالَتْ: فَلَمّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامَهُ ذَهَبَ دَمْعِي حَتّى مَا أَجِدُ مِنْهُ شَيْئًا، وَقُلْت لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ: وَاَللهِ، مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ وَمَا أُجِيبُ بِهِ عَنْك. قَالَتْ: فَقُلْت لِأُمّي: أَجِيبِي عَنّي رَسُولَ اللهِ. فَقَالَتْ: وَاَللهِ، مَا أَدْرِي مَا أُجِيبُ عَنْك لِرَسُولِ اللهِ. وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السّنّ، لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآنِ. قَالَتْ: فَقُلْت: إنّي وَاَللهِ قَدْ عَلِمْت أَنّكُمْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَوَقَعَ فِي أَنْفُسِكُمْ فَصَدّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْت لَكُمْ إنّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدّقُونِي، وَلَئِنْ اعْتَرَفْت لَكُمْ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ اللهُ أَنّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لتصدّقونى. وإنى
[ (١) ] فى ب: «فرجع الحارث بسيغه ولغطت الأوس والخزرج» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute