للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ، وَكَانَ حَفَرَهُ سِتّةَ أَيّامٍ وَحَصّنَهُ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُبُرَ سَلْعٍ، فَجَعَلَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَالْخَنْدَقَ أَمَامَهُ، وَكَانَ عَسْكَرُهُ هُنَالِكَ. وَضَرَبَ قُبّةً مِنْ أَدَمٍ، وَكَانَتْ الْقُبّةُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْأَعْلَى الّذِي بِأَصْلِ الْجَبَلِ- جَبَلُ الْأَحْزَابِ- وَكَانَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْقِبُ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَتَكُونُ عَائِشَةُ أَيّامًا، ثُمّ تَكُونُ أُمّ سَلَمَةَ، ثُمّ تَكُونُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَكَانَ هَؤُلَاءِ الثّلَاثُ اللّاتِي يُعْقِبُ بَيْنَهُنّ فِي الْخَنْدَقِ، وَسَائِرُ نِسَائِهِ فِي أُطُمِ بَنِي حَارِثَةَ. وَيُقَالُ: كُنّ فِي الْمَسِيرِ [ (١) ] ، أُطُمٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ حَصِينًا. وَيُقَالُ: كَانَ بَعْضُهُنّ فِي فَارِعٍ [ (٢) ]- وَكُلّ هَذَا قَدْ سَمِعْنَاهُ.

فَحَدّثَنِي أَبُو أَيّوبَ بْنُ النّعْمَانِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ يَقُولُ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ وَلِقُرَيْشٍ فِي مَسِيرِهِ مَعَهُمْ: إنّ قَوْمِي قُرَيْظَةَ مَعَكُمْ، وَهُمْ أَهْلُ حَلْقَةٍ وَافِرَةٍ، هُمْ سَبْعُمِائَةِ مُقَاتِلٍ وَخَمْسُونَ مُقَاتِلًا. فَلَمّا دَنَوْا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ: ائْتِ قَوْمَك، حَتّى يَنْقُضُوا الْعَهْدَ الّذِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مُحَمّدٍ. فَذَهَبَ حُيَيّ حَتّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ صَالَحَ قُرَيْظَةَ وَالنّضِيرَ وَمَنْ بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْيَهُودِ أَلّا يَكُونُوا مَعَهُ وَلَا عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَنْصُرُوهُ مِمّنْ دَهَمَهُ مِنْهُمْ، وَيُقِيمُوا عَلَى مَعَاقِلِهِمْ [ (٣) ] الْأُولَى الّتِي بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. وَيُقَالُ إنّ حيىّ


[ (١) ] قال السمهودي: إنه أطم بنى عبد الأشهل، كان لبنى حارثة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٧٣) .
[ (٢) ] فارع: أطم كان فى دار جعفر بن يحيى بباب الرحمة. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٥٤) .
[ (٣) ] أى يكونون على ما كانوا عليه من أخذ الديات وإعطائها. (النهاية، ج ٣، ص ١١٧) .