لِي الشّمْسُ فَصَلّيْت الْمَغْرِبَ، ثُمّ خَرَجْت حَتّى أَخَذْت فِي رَاتِجٍ، ثُمّ عَلَى عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمّ فِي زُهْرَةَ، ثُمّ عَلَى بُعَاثَ. فَلَمّا دَنَوْت مِنْ الْقَوْمِ قُلْت:
أَكْمُنُ لَهُمْ. فَكَمَنْت وَرَمَقْت الْحُصُونَ سَاعَةً، ثُمّ ذَهَبَ بِي النّوْمُ فَلَمْ أَشْعُرْ إلّا بِرَجُلٍ قَدْ احْتَمَلَنِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَوَضَعَنِي عَلَى عُنُقِهِ ثُمّ انْطَلَقَ يَمْشِي.
قَالَ: فَفَزِعْت وَرَجُلٌ يَمْشِي بِي عَلَى عَاتِقِهِ، فَعَرَفْت أَنّهُ طَلِيعَةٌ مِنْ قُرَيْظَةَ وَاسْتَحْيَيْت تِلْكَ السّاعَةَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِيَاءً شَدِيدًا، حَيْثُ ضَيّعْت ثَغْرًا أَمَرَنِي بِهِ، ثُمّ ذَكَرْت غَلَبَةَ النّوْمِ. قَالَ: وَالرّجُلُ يُرْقَلُ بِي إلَى حُصُونِهِمْ، فَتَكَلّمَ بِالْيَهُودِيّةِ فَعَرَفْته، قَالَ: أَبْشِرْ بِجَزْرَةٍ سَمِينَةٍ! قَالَ: وَذَكَرْت وَجَعَلْت أَضْرِبُ بِيَدِي- وَعَهْدِي بِهِمْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَبَدًا إلّا بِمِعْوَلٍ فِي وَسَطِهِ. قَالَ: فَأَضَعُ يَدِي عَلَى الْمِعْوَلِ فَأَنْتَزِعُهُ، وَشُغِلَ بِكَلَامِ رَجُلٍ مِنْ فَوْقِ الْحِصْنِ، فَانْتَزَعْته فَوَجَأْت بِهِ كَبِدَهُ فَاسْتَرْخَى وَصَاحَ:
السّبُعُ! فَأَوْقَدَتْ الْيَهُودُ النّارَ عَلَى آطَامِهَا بِشُعَلِ السّعَفِ. وَوَقَعَ مَيّتًا وَانْكَشَفَ، فَكُنْت لَا أُدْرَكُ، [ (١) ] وَأَقْبَلَ مِنْ طَرِيقِي الّتِي جِئْت مِنْهَا.
وَجَاءَ جِبْرِيلُ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ظَفِرْت يَا خَوّاتُ! ثُمّ خَرَجَ فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَمْرِ خَوّاتٍ كَذَا وَكَذَا. وَآتِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَحَدّثُونَ، فَلَمّا رَآنِي قَالَ: أَفْلَحَ وَجْهُك! قُلْت: وَوَجْهُك يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: أَخْبِرْنِي خَبَرَك. فَأَخْبَرْته، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَكَذَا أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ.
وَقَالَ الْقَوْمُ: هَكَذَا حَدّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ خَوّاتٌ: فَكَانَ لَيْلُنَا بِالْخَنْدَقِ نَهَارًا. قال غير صالح: قال خوّات: رأيتنى
[ (١) ] فى الأصل: «لا أدرى» ، وما أثبثناه من ب، ث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute