للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَمْرٍو وَشَجَاعَتِهِ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ، وَعَمّمَهُ وَقَالَ:

اللهُمّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ! قَالَ: وَأَقْبَلَ عَمْرٌو يَوْمَئِذٍ وَهُوَ فَارِسٌ وَعَلِيّ رَاجِلٌ، فَقَالَ لَهُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: إنّك كُنْت تَقُولُ فِي الْجَاهِلِيّةِ: لَا يَدْعُونِي أَحَدٌ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثٍ إلّا قَبِلْتهَا! قَالَ: أَجَلْ! قَالَ عَلِيّ: فَإِنّي أَدْعُوك أَنْ تشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحَمّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُسْلِمَ لِلّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَخّرْ هَذَا عَنّي. قَالَ: فَأُخْرَى، تَرْجِعُ إلَى بِلَادِك، فَإِنْ يَكُنْ مُحَمّدٌ صَادِقًا كُنْت أَسْعَدَ [النّاسِ] بِهِ، وَإِنْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ الّذِي تُرِيدُ. قَالَ:

هَذَا مَا لَا تَتَحَدّثُ بِهِ نِسَاءُ قُرَيْشٍ أَبَدًا، وَقَدْ نَذَرْت مَا نَذَرْت وَحَرّمْت الدّهْنَ. قَالَ: فَالثّالِثَةُ؟ قَالَ: الْبِرَازُ. قَالَ فَضَحِكَ عَمْرٌو ثُمّ قَالَ: إنّ هَذِهِ الْخَصْلَةُ مَا كُنْت أَظُنّ أَنّ أَحَدًا مِنْ الْعَرَبِ يُرَوّمُنِي عَلَيْهَا! إنّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَقْتُلَ مِثْلَك، وَكَانَ أَبُوك لِي نَدِيمًا، فَارْجِعْ، فَأَنْتَ غُلَامٌ حَدَثٌ، إنّمَا أَرَدْت شَيْخَيْ قُرَيْشٍ! أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: فَإِنّي أَدْعُوك إلَى الْمُبَارَزَةِ فَأَنَا أُحِبّ أَنْ أَقْتُلَك.

فَأَسِفَ عَمْرٌو وَنَزَلَ وَعَقَلَ فَرَسَهُ فَكَانَ جَابِرٌ يُحَدّثُ يَقُولُ: فَدَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ وَثَارَتْ بَيْنَهُمَا غَبَرَةٌ فَمَا نَرَاهُمَا، فَسَمِعْنَا التّكْبِيرَ تَحْتَهَا فَعَرَفْنَا أَنّ عَلِيّا قَتَلَهُ. فَانْكَشَفَ أَصْحَابُهُ الّذِينَ فِي الْخَنْدَقِ هَارِبِينَ، وطفرت بهم خيلهم، إلّا أن نوفل ابن عَبْدِ اللهِ وَقَعَ بِهِ فَرَسُهُ فِي الْخَنْدَقِ، فَرُمِيَ بِالْحِجَارَةِ حَتّى قُتِلَ. وَرَجَعُوا هَارِبِينَ، وَخَرَجَ فِي أَثَرِهِمْ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ، فَنَاوَشُوهُمْ سَاعَةً. وَحَمَلَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطّابِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ بِالرّمْحِ، حَتّى إذَا وَجَدَ عُمَرُ مَسّ الرّمْحِ رَفَعَهُ عَنْهُ وَقَالَ: هَذِهِ نِعْمَةٌ مَشْكُورَةٌ، فَاحْفَظْهَا يَا ابْنَ الْخَطّابِ! إنّي قَدْ كُنْت حَلَفْت لَا تُمَكّنَنِي يَدَايَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَبَدًا.

فَانْصَرَفَ ضِرَارٌ رَاجِعًا إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ قِيَامٌ عِنْدَ جَبَلِ بَنِي عُبَيْدٍ.