للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَزْمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي أَمَامَ جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.

وَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدّهِ، قَالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ بَلَغَهُ مَوْتُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَخَرَجَ بِالنّاسِ، فَلَمّا بَرَزَ إلَى الْبَقِيعِ قَالَ:

خُذُوا فِي جِهَازِ صَاحِبِكُمْ!

قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكُنْت أَنَا مِمّنْ حَفَرَ لَهُ قَبْرَهُ، وَكَانَ يَفُوحُ عَلَيْنَا الْمِسْكُ كُلّمَا حَفَرْنَا قَبْرَهُ مِنْ تُرَابٍ، حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى اللّحْدِ.

قَالَ رُبَيْحٌ: وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي مُحَمّدُ بن المنكدر، عن محمّد بن شرحبيل ابن حَسَنَةَ، قَالَ: أَخَذَ إنْسَانٌ قَبْضَةً مِنْ قَبْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَذَهَبَ بِهَا، ثُمّ نَظَرَ إلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ مِسْكٌ.

قَالُوا: ثُمّ اُحْتُمِلَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنْ كُنْت لَتَقْطَعُنَا فِي ذَهَابِك إلَى سَعْدٍ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَشِينَا أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إلَيْهِ كَمَا سَبَقَتْنَا إلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ [ (١) ] . وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ سَعْدٌ رَجُلًا جَسِيمًا فَلَمْ نَرَ أَخَفّ مِنْهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رَأَيْت الْمَلَائِكَةَ تَحْمِلُهُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إنّ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَ إنّمَا خَفّ لِأَنّهُ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ: كَذَبُوا، وَلَكِنّهُ خَفّ لِحَمْلِ الْمَلَائِكَةِ.

فَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ يَقُولُ: طَلَعَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ حُفْرَتِهِ، وَوَضَعْنَا اللّبِنَ وَالْمَاءَ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَحَفَرْنَا لَهُ عِنْدَ دَارِ عُقَيْلٍ الْيَوْمَ، وَطَلَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَوَضَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ قَبْرِهِ ثُمّ صَلّى عَلَيْهِ، فَلَقَدْ رَأَيْت مِنْ النّاسِ مَا مَلَأَ البقيع.


[ (١) ] أى حنظلة بن أبى عامر الغسيل. (الاستيعاب، ص ٣٨١) .