للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهُوَ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ الْيَوْمَ.

حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ: حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

لَمّا قُتِلَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَدِمَ حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ الْأَشْجَعِيّ خَيْبَرَ، قَدْ سَارَ يَوْمَيْنِ، وَيَهُودُ بَنِي النّضِيرِ- سَلّامُ بْنُ مِشْكَمٍ، وَكِنَانَةُ بْنُ الرّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، وَيَهُودُ خيبر جلوس فِي نَادِيهِمْ يَتَحَسّبُونَ خَبَرَ قُرَيْظَةَ، قَدْ بَلَغَهُمْ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَدْ حَصَرَهُمْ وَهُمْ يَتَوَقّعُونَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَقَالُوا: مَا وَرَاءَك؟ قَالَ: الشّرّ! قُتِلَتْ مُقَاتِلَةُ قُرَيْظَةَ صَبْرًا بِالسّيْفِ! قَالَ كِنَانَةُ:

مَا فَعَلَ حُيَيّ؟ قَالَ حُسَيْلٌ: حُيَيّ قَدْ طَاحَ، ضُرِبَتْ عُنُقُهُ صَبْرًا. وَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ عَنْ سَرَاتِهِمْ- كَعْبِ بْنِ أَسَدٍ، وَغَزّالِ بْنِ سَمَوْأَلٍ، وَنَبّاشِ بْنِ قَيْسٍ- أَنّهُ حَضَرَهُمْ قُتِلُوا بَيْنَ يَدَيْ مُحَمّدٍ. قَالَ سَلّامُ بْن مِشْكَمٍ: هَذَا كُلّهُ عَمَلُ حُيَيّ بْنِ أَخْطَبَ، شَأَمَنَا أَوّلًا وَخَالَفَنَا فِي الرّأْيِ، فَأَخْرَجَنَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَشَرَفِنَا وَقَتَلَ إخْوَانَنَا. وَأَشَدّ مِنْ الْقَتْلِ سِبَاءُ الذّرّيّةِ، لَا قَامَتْ يَهُودِيّةٌ بِالْحِجَازِ أَبَدًا، لَيْسَ لِلْيَهُودِ عَزْمٌ وَلَا رَأْيٌ. قَالُوا: وَبَلَغَ النّسَاءَ فَصَيّحْنَ، وَشَقَقْنَ الْجُيُوبَ، وَجَزَزْنَ الشّعُورَ، وَأَقَمْنَ الْمَآتِمَ، وَضَوَى إلَيْهِنّ نِسَاءُ الْعَرَبِ. وَفَزِعَتْ الْيَهُودُ إلَى سَلّامِ بْنِ مِشْكَمٍ فَقَالُوا: فَمَا الرّأْيُ أَبَا عَمْرٍو؟

وَيُقَالُ أَبَا الْحَكَمِ. قَالَ: وَمَا تَصْنَعُونَ بِرَأْيٍ لَا تَأْخُذُونَ مِنْهُ حَرْفًا؟ قَالَ كِنَانَةُ: لَيْسَ هَذَا بِحِينِ عِتَابٍ، قَدْ صَارَ الْأَمْرُ إلَى مَا تَرَى. قَالَ: مُحَمّدٌ قَدْ فَرَغَ مِنْ يَهُودِ يَثْرِبَ، وَهُوَ سَائِرٌ إلَيْكُمْ، فَنَازِلٌ بِسَاحَتِكُمْ، وَصَانِعٌ بِكُمْ مَا صَنَعَ بِبَنِي قُرَيْظَةَ. قَالُوا: فَمَا الرّأْيُ؟ قَالَ: نَسِيرُ إلَيْهِ بِمَنْ مَعَنَا مِنْ يَهُودِ خَيْبَرَ، فَلَهُمْ عَدَدٌ، وَنَسْتَجْلِبُ يَهُودَ تَيْمَاءَ، وَفَدَكٍ، وَوَادِي الْقُرَى، وَلَا نَسْتَعِينُ بِأَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ، فَقَدْ رَأَيْتُمْ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ مَا صَنَعَتْ بِكُمْ الْعَرَبُ بَعْدَ أَنْ شَرَطْتُمْ لَهُمْ تَمْرَ خَيْبَرَ نَقَضُوا ذَلِكَ وَخَذَلُوكُمْ، وَطَلَبُوا مِنْ مُحَمّدٍ بَعْضَ تَمْرِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَيَنْصَرِفُونَ عَنْهُ، مَعَ أَنّ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ