للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَدّهُ عَلَى دِحْيَةَ. ثُمّ إنّ دِحْيَةَ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه سلّم فَاسْتَسْعَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَمَ الْهُنَيْدِ وَابْنِهِ، فَأَمَرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسِيرِ، فَخَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَعَهُ.

وَقَدْ كَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيّ قَدِمَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافِدًا، فَأَجَازَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ،

ثُمّ سَأَلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبَ مَعَهُ كِتَابًا، فَكَتَبَ مَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ، لِرِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ إلَى قَوْمِهِ عَامّةً وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ يَدْعُوهُمْ إلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ. فَمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ فَهُوَ مِنْ حِزْبِ اللهِ وَحِزْبِ رَسُولِهِ، وَمَنْ ارْتَدّ فَلَهُ أَمَانُ شَهْرَيْنِ.

فَلَمّا قَدِمَ رِفَاعَةُ عَلَى قَوْمِهِ بِكِتَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ فَأَجَابُوهُ وَأَسْرَعُوا، وَنَفَذُوا إلَى مُصَابِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيّ [ (١) ] فَوَجَدُوا أَصْحَابَهُ قَدْ تَفَرّقُوا.

وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ خِلَافَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ، فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ، وَرَدّ مَعَهُ دِحْيَةَ الْكَلْبِيّ. وَكَانَ زَيْدٌ يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَارَ، وَمَعَهُ دَلِيلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ. وَقَدْ اجْتَمَعَتْ غَطَفَانُ كُلّهَا وَوَائِلٌ وَمَنْ كَانَ مِنْ سَلَامَات وَبَهْرَاءَ حِينَ جَاءَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ بِكِتَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتّى نَزَلُوا- الرّجَالُ وَرِفَاعَةُ- بِكُرَاعِ [ (٢) ] رُؤَيّةَ لَمْ يُعْلَمْ. وَأَقْبَلَ الدّلِيلُ الْعُذْرِيّ بِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ حَتّى هَجَمَ بِهِمْ، فَأَغَارُوا مَعَ الصّبْحِ عَلَى الْهُنَيْدِ وَابْنِهِ وَمَنْ كَانَ فِي مَحَلّتِهِمْ، فَأَصَابُوا مَا وَجَدُوا، وَقَتَلُوا


[ (١) ] فى الأصل: «مصاب زيد بن حارثة» ، وما أثبتناه هو ما يقتضيه السياق. (انظر شرح الزرقانى على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ١٩٠) ، والسيرة الحلبية، ج ٢، ص ٣٠٢) .
[ (٢) ] الكراع: الجانب المستطيل من الحرة. (النهاية، ج ٤، ص ١٥) .
ورؤية: موضع فى ديار بنى مازن. (معجم ما استعجم، ص ٣٤٢، ٣٨٨) .