فَأَرْخَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْهَا، ثُمّ قَالَ: هَكَذَا فَاعْتَمّ يَا ابْنَ عَوْفٍ! قَالَ:
وَعَلَى ابْنِ عَوْفٍ السّيْفُ مُتَوَشّحَهُ. ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
اُغْزُ بِاسْمِ اللهِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ فَقَاتِلْ مَنْ كَفَرَ بِاَللهِ، لَا تَغُلّ وَلَا تَغْدِرْ وَلَا تَقْتُلْ وَلِيدًا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ثُمّ بَسَطَ يَدَهُ، فَقَالَ: يَا أَيّهَا النّاسُ، اتّقُوا خَمْسًا قَبْلَ أَنْ يَحِلّ بِكُمْ، مَا نُقِضَ مِكْيَالُ قَوْمٍ إلّا أَخَذَهُمْ اللهُ بِالسّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثّمَرَاتِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ، وَمَا نَكَثَ قَوْمٌ عَهْدَهُمْ إلّا سَلّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوّهُمْ، وَمَا مَنَعَ قَوْمٌ الزّكَاةَ إلّا أَمْسَكَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَطْرَ السّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُسْقَوْا، وَمَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ إلّا سَلّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ الطّاعُونَ، وَمَا حَكَمَ قَوْمٌ بِغَيْرِ آيِ الْقُرْآنِ إلّا أَلْبَسَهُمْ اللهُ شِيَعًا، وَأَذَاقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ.
قَالَ: فَخَرَجَ عَبْدُ الرّحْمَنِ حَتّى لَحِقَ أَصْحَابَهُ فَسَارَ حَتّى قَدِمَ دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ، فَلَمّا حَلّ بِهَا دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَمَكَثَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ كَانُوا أَبَوْا أَوّلَ مَا قَدِمَ يُعْطُونَهُ إلّا السّيْفَ، فَلَمّا كَانَ الْيَوْمُ الثّالِثُ أَسْلَمَ الْأَصْبَغُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيّ، وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَكَانَ رَأْسَهُمْ.
فَكَتَبَ عَبْدُ الرّحْمَنِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ، وَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَال [لَهُ] رَافِعُ بْنُ مَكِيثٍ، وَكَتَبَ يُخْبِرُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّهُ قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوّجَ فِيهِمْ، فَكَتَبَ إلَيْهِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوّجَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ تُمَاضِرَ. فَتَزَوّجَهَا عَبْدُ الرّحْمَنِ وَبَنَى بِهَا، ثُمّ أَقْبَلَ بِهَا، وَهِيَ أُمّ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
حَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ جعفر، عن ابن أبى عون، عَنْ صَالِحِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ إلَى كَلْبٍ، وَقَالَ:
إنْ اسْتَجَابُوا لَك فَتَزَوّجْ ابْنَةَ مَلِكِهِمْ أَوْ ابْنَةَ سَيّدِهِمْ.
فَلَمّا قدم دعاهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute