للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُسَيْرَ بْنَ زَارِمَ يَسِيرُ إلَيْك فِي كَتَائِبِ الْيَهُودِ. قَالَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:

فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النّاسَ، فَانْتُدِبَ لَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا.

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ: فَكُنْت فِيهِمْ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ. قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتّى قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَأَرْسَلْنَا إلَى أُسَيْرٍ: إنّا آمِنُونَ حَتّى نَأْتِيَك فَنَعْرِضَ عَلَيْك مَا جِئْنَا لَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَلِي مِثْلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقُلْنَا: إنّ رَسُولَ اللهِ بَعَثَنَا إلَيْك أَنْ تَخْرُجَ إلَيْهِ فَيَسْتَعْمِلَك عَلَى خَيْبَرَ وَيُحْسِنَ إلَيْك. فَطَمِعَ فِي ذَلِكَ، وَشَاوَرَ الْيَهُودَ فَخَالَفُوهُ فِي الْخُرُوجِ وَقَالُوا: مَا كَانَ مُحَمّدٌ يَسْتَعْمِلُ رَجُلًا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ. فَقَالَ: بَلَى، قَدْ مَلِلْنَا الْحَرْبَ. قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ مَعَ كُلّ رَجُلٍ رَدِيفٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَسِرْنَا حَتّى إذَا كُنّا بِقَرْقَرَةِ ثِبَارٍ [ (١) ] نَدِمَ أُسَيْرٌ حَتّى عَرَفْنَا النّدَامَةَ فيه. قال عبد الله ابن أُنَيْسٍ: وَأَهْوَى بِيَدِهِ إلَى سَيْفِي فَفَطِنْت لَهُ. قَالَ: فَدَفَعْت بَعِيرِي فَقُلْت:

غَدْرًا أَيْ عَدُوّ اللهِ! ثُمّ تَنَاوَمْت فَدَنَوْت مِنْهُ لِأَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ، فَتَنَاوَلَ سَيْفِي، فَغَمَزْت بَعِيرِي وَقُلْت: هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَنْزِلُ فَيَسُوقُ بِنَا؟ فَلَمْ يَنْزِلْ أَحَدٌ، فَنَزَلْت عَنْ بَعِيرِي فَسُقْت بِالْقَوْمِ حَتّى انْفَرَدَ أُسَيْرٌ، فَضَرَبْته بِالسّيْفِ فَقَطَعْت مُؤَخّرَةَ الرّجْلِ وَأَنْدَرْت [ (٢) ] عَامّةَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ، وَسَقَطَ عَنْ بَعِيرِهِ وَفِي يَدِهِ مِخْرَشٌ مِنْ [ (٣) ] شَوْحَطٍ، فَضَرَبَنِي فَشَجّنِي مأمومة [ (٤) ] ، وملنا على


[ (١) ] فى مغازي موسى بن عقبة: «قرقرة تيار» . (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٣٦١) .
وثبار: موضع على ستة أميال من خيبر. (وفاء الوفا، ج ٢، ص ٢٧٣) .
[ (٢) ] أندره: أسقطه، ويقال ضرب يده بالسيف فأندرها. (الصحاح، ص ٨٣٥) .
[ (٣) ] فى الأصل: «مخرش من سوط» ، وما أثبتناه من ابن سعد. (الطبقات، ج ٢، ص ٦٧) والمخرش: عصا معوجة الرأس. (النهاية، ج ١، ص ٣٨٨) . والشوحط: ضرب من شجر الجبال. (الصحاح، ص ١١٣٦) .
[ (٤) ] يقال: شجة مأمومة، أى بلغت أم الرأس. (القاموس المحيط، ج ٤، ص ٧٦) .