للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتُعَلّقُهُ الشّجَرُ، وَحَارَ حَتّى كَأَنّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا قطّ. قال: فو الله إنْ كُنْت لَأَسْلُكُهَا فِي الْجُمُعَةِ مِرَارًا. فَلَمّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَوَجّهُ قَالَ: ارْكَبْ! فَرَكِبْت فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

مَنْ رَجُلٌ يَدُلّنَا عَلَى طَرِيقِ ذَاتِ الْحَنْظَلِ؟ فَنَزَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَدُلّك. فَسَارَ قَلِيلًا ثُمّ سَقَطَ فِي خَمَرِ [ (١) ] الشّجَرِ، فَلَا يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْكَبْ. ثُمّ قَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَدُلّنَا عَلَى طَرِيقِ ذَاتِ الْحَنْظَلِ؟ فَنَزَلَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ نُهْمٍ [ (٢) ] الْأَسْلَمِيّ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَدُلّك. فَقَالَ: انْطَلِقْ أَمَامَنَا. فَانْطَلَقَ عَمْرٌو أَمَامَهُمْ حَتّى نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الثّنِيّةِ فَقَالَ: هَذِهِ ثَنِيّةُ ذَاتِ الْحَنْظَلِ؟ فَقَالَ عَمْرٌو: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. فَلَمّا وَقَفَ عَلَى رَأْسِهَا تَحَدّرَ بِهِ. قَالَ عَمْرٌو: وَاَللهِ إنْ كَانَ لَيَهُمّنِي نَفْسِي وَجَدّي، إنّمَا كَانَتْ مِثْلَ الشّرَاكِ [ (٣) ] ، فَاتّسَعَتْ لِي حَتّى بَرَزَتْ وَكَانَتْ مَحَجّةً لَاحِبَةً [ (٤) ] . وَلَقَدْ كَانَ النّفَرُ يَسِيرُونَ تِلْكَ اللّيْلَةَ جَمِيعًا مُعْطِفِينَ مِنْ سَعَتِهَا يَتَحَدّثُونَ، وَأَضَاءَتْ تِلْكَ اللّيْلَةُ حَتّى كَأَنّا فِي قَمَرٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِثْلُ هَذِهِ الثّنِيّةِ اللّيْلَةَ إلّا مِثْلُ الْبَابِ الّذِي قَالَ اللهُ لِبَنِي إسْرَائِيلَ: وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ [ (٥) ] .

حَدّثَنِي ابن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن الأعرج، عن أبى


[ (١) ] فى الأصل: «جمر الشجر» ، وما أثبتناه أقرب الاحتمالات. والخمر: كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره. (النهاية، ج ١، ص ٣٢٠) .
[ (٢) ] فى الأصل: «عبديهم» . وما أثبتناه من ابن عبد البر. (الاستيعاب، ص ١١٩٢) .
[ (٣) ] الشراك: سير النعل. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٣٠٨) .
[ (٤) ] اللاحب: الطريق الواسع. (النهاية، ج ٤، ص ٥٠) .
[ (٥) ] سورة ٢ البقرة ٥٨.