قَدْ عَلِمَتْ جَارِيَةٌ يَمَانِيَهْ ... أَنّي أَنَا الْمَاتِحُ وَاسْمِي نَاجِيَهْ
وَطَعْنَةٍ مِنّي رَشَاشٍ وَاهِيَهْ ... طَعَنْتهَا تَحْتَ صُدُورِ الْعَالِيَهْ
أَنْشَدَنِيهَا رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ نَاجِيَةَ بْنِ الْأَعْجَمِ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بن وهب الأسلمىّ. فَحَدّثَنِي مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ إيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: الّذِي نَزَلَ بِالسّهْمِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ.
وَحَدّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
حَدّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنّ نَاجِيَةَ بْنَ الْأَعْجَمِ- وَكَانَ نَاجِيَةُ بْنُ الْأَعْجَمِ يُحَدّثُ- يَقُولُ: دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلّم حين شكا إلَيْهِ قِلّةُ الْمَاءِ، فَأَخْرَجَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ وَدَفَعَهُ إلَيّ وَدَعَانِي بِدَلْوٍ مِنْ مَاءِ الْبِئْرِ، فَجِئْته بِهِ فَتَوَضّأَ، فَقَالَ: مَضْمَضَ فَاهُ، ثُمّ مَجّ فِي الدّلْوِ، وَالنّاسُ فِي حَرّ شَدِيدٍ وَإِنّمَا هِيَ بِئْرٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ سَبَقَ الْمُشْرِكُونَ إلَى بَلْدَحٍ فَغَلَبُوا عَلَى مِيَاهِهِ، فَقَالَ: انْزِلْ بِالْمَاءِ فَصُبّهُ فِي الْبِئْرِ وَأَثِرْ [ (١) ] مَاءَهَا بِالسّهْمِ. ففعلت، فو الذي بَعَثَهُ بِالْحَقّ مَا كُنْت أَخْرُجُ حَتّى كَادَ يَغْمُرُنِي، وَفَارَتْ كَمَا تَفُورُ الْقِدْرُ حَتّى طَمّتْ، واستوت بثفيرها يَغْتَرِفُونَ مَاءَ جَانِبِهَا حَتّى نَهِلُوا مِنْ آخِرِهِمْ. قَالَ: وَعَلَى الْمَاءِ يَوْمَئِذٍ نَفَرٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، الْجَدّ بْنُ قَيْسٍ، وَأَوْسٌ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيّ، وَهُمْ جُلُوسٌ يَنْظُرُونَ إلَى الْمَاءِ، وَالْبِئْرُ تَجِيشُ بِالرّوَاءِ وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى شَفِيرِهَا. فَقَالَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيّ: وَيْحَك يَا أَبَا الْحُبَابِ! أَمَا آنَ لَك أَنْ تُبْصِرَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ أَبَعْدَ هَذَا شَيْءٌ؟ وَرَدْنَا بِئْرًا يُتَبَرّضُ مَاؤُهَا- يُتَبَرّضُ: يَخْرُجُ فِي الْقَعْبِ جَرْعَةُ مَاءٍ- فَتَوَضّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الدّلو ومضمض فاه فى الدلو
[ (١) ] أثر فى الشيء: ترك فيه أثرا. (لسان العرب، ج ٥، ص ٦٠) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute