للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَدَك أَطْلُبُ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اُدْنُ! فَدَنَا فَأَخَذَ يَدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبّلَهَا، وَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيك! فَكَانَ قَدْ بَلَغَ سِنّا، وَكَانَ لَهُ فَضْلٌ وَحَالٌ فِي قَوْمِهِ حَتّى تُوُفّيَ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

قَالُوا: فَلَمّا اطْمَأَنّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ جَاءَهُ بديل ابن وَرْقَاءَ وَرَكْبٌ مِنْ خُزَاعَةَ، وَهُمْ عَيْبَةُ نُصْحِ [ (١) ] رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِهَامَةَ، مِنْهُمْ الْمُسْلِمُ وَمِنْهُمْ الْمُوَادِعُ، لَا يُخْفُونَ عَلَيْهِ بِتِهَامَةَ شَيْئًا، فَأَنَاخُوا رَوَاحِلَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمّ جَاءُوا فَسَلّمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ بُدَيْلٌ: جِئْنَاك مِنْ عِنْدِ قَوْمِك، كعب بن لؤي وعامر بن لؤي، قد اسْتَنْفَرُوا لَك الْأَحَابِيشَ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، مَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ- النّسَاءُ وَالصّبْيَانُ- يُقْسِمُونَ بِاَللهِ لَا يُخَلّونَ بَيْنَك وَبَيْنَ الْبَيْتِ حَتّى تَبِيدَ خَضْرَاؤُهُمْ [ (٢) ] . فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالِ أَحَدٍ، إنّمَا جِئْنَا لِنَطُوفَ بِهَذَا الْبَيْتِ، فَمَنْ صَدّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ، وَقُرَيْشٌ قَوْمٌ قَدْ أَضَرّتْ بِهِمْ الْحَرْبُ وَنَهَكَتْهُمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتهمْ مُدّةً يَأْمَنُونَ فِيهَا، وَيُخَلّونَ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النّاسِ، وَالنّاسُ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَإِنْ ظَهَرَ أَمْرِي عَلَى النّاسِ كَانُوا بَيْنَ أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النّاسُ، أَوْ يُقَاتِلُوا وَقَدْ جَمَعُوا! وَاَللهِ لَأَجْهَدَنّ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي [ (٣) ] أَوْ يُنْفِذَ اللهُ أَمْرَهُ!


[ (١) ] أى موضع الأمانة على سره. (شرح الزرقانى على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٢٢٤) .
[ (٢) ] فى الأصل: «حفراهم» ، والتصحيح عن ابن سعد. (الطبقات، ج ٢، ص ٧٠) .
وخضراؤهم: أى جماعتهم. (الفائق، ص ١٧٥) .
[ (٣) ] السالفة: صفحة العنق، وهما سالفتان من جانبيه، وكنى بانفرادهما عن الموت لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت، وقيل أراد حتى يفرق بين رأسى وجسدي. (النهاية، ج ٢، ص ١٧٥) .