للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَا يَمْنَعُهُ وَقَدْ وَصَلَ إلَى الْبَيْتِ؟ فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ظَنّي بَهْ أَلّا يَطُوفَ حَتّى نَطُوفَ، فَلَمّا رَجَعَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: اشْتَفَيْت مِنْ الْبَيْتِ يَا عَبْدَ اللهِ! قَالَ عُثْمَانُ: بِئْسَ مَا ظَنَنْتُمْ بِي! لَوْ كُنْت بِهَا سَنَةً وَالنّبِيّ مُقِيمٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ مَا طُفْت، وَلَقَدْ دَعَتْنِي قُرَيْشٌ إلَى أَنْ أَطُوفَ فَأَبَيْت ذَلِكَ عَلَيْهَا. فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: لِرَسُولِ اللهِ كَانَ أَعْلَمَنَا بِاَللهِ تَعَالَى وَأَحْسَنِنَا ظَنّا.

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ يَتَحَارَسُونَ اللّيْلَ، وَكَانَ الرّجُلُ مِنْ أَصْحَابِهِ يَبِيتُ عَلَى الْحَرَسِ حَتّى يُصْبِحَ يُطِيفُ بِالْعَسْكَرِ، فَكَانَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَتَنَاوَبُونَ الْحِرَاسَةَ: أَوْسُ بْنُ خَوْلِيّ، وَعَبّادُ بْنُ بِشْرٍ، وَمُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ. فَكَانَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَلَى فَرَسِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ تِلْكَ اللّيَالِي وَعُثْمَانُ بِمَكّةَ بَعْدُ، وَقَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ بَعَثَتْ لَيْلًا خَمْسِينَ رَجُلًا، عَلَيْهِمْ مِكْرَزُ بْنُ حَفْصٍ، وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يُطِيفُوا بِالنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يُصِيبُوا مِنْهُمْ أَحَدًا أَوْ يُصِيبُوا مِنْهُمْ غِرّةً، فَأَخَذَهُمْ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابُهُ، فَجَاءَ بِهِمْ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ عُثْمَانُ بِمَكّةَ قَدْ أَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا يَدْعُو قُرَيْشًا، وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ دَخَلُوا مَكّةَ بِإِذْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِيهِمْ، فَبَلَغَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إن عثمان وَأَصْحَابَهُ قَدْ قُتِلُوا، فَذَلِكَ حِينَ دَعَا إلَى الْبَيْعَةِ. وَبَلَغَ قُرَيْشًا حَبْسُ أَصْحَابِهِمْ، فَجَاءَ جَمْعٌ مِنْ قُرَيْشٍ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ حَتّى تَرَامَوْا بِالنّبْلِ وَالْحِجَارَةِ، وَأَسَرُوا أَيْضًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ حِينَئِذٍ أَسْرَى، ثُمّ إنّ قُرَيْشًا بَعَثُوا سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَحُوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ يوم مَنَازِلَ بَنِي مَازِنِ بْنِ النّجّارِ، وَقَدْ نَزَلَتْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ