حَدّثَنِي خِرَاشُ بْنُ هُنَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كان الذي حلقه خراش ابن أميّة.
قالوا: أَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ بَضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيُقَالُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ نَزَلَ بِمَرّ الظّهْرَانِ ثُمّ نَزَلَ عُسْفَانَ، فَأَرْمَلُوا [ (١) ] مِنْ الزّادِ، فَشَكَا النّاسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنّهُمْ قَدْ بَلَغُوا مِنْ الْجُوعِ- وَفِي النّاسِ ظَهْرٌ-[وَقَالُوا] : فَنَنْحَرُ يَا رَسُولَ اللهِ وَنَدْهُنُ مِنْ شُحُومِهِ، وَنَتّخِذُ مِنْ جُلُودِهِ حِذَاءً! فَأَذِنَ لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ، لَا تَفْعَلْ فَإِنْ يَكُ فِي النّاسِ بَقِيّةُ ظَهْرٍ يَكُنْ أَمْثَلَ، وَلَكِنْ اُدْعُهُمْ بِأَزْوَادِهِمْ ثُمّ اُدْعُ اللهَ فِيهَا. فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، ثُمّ نَادَى مُنَادِيهِ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ بَقِيّةٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَنْثُرْهُ عَلَى الْأَنْطَاعِ. قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ الْكَعْبِيّ: فَلَقَدْ رَأَيْت مَنْ يَأْتِي بِالتّمْرَةِ الْوَاحِدَةِ، وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ، وَيَأْتِي بِالْكَفّ مِنْ الدّقِيقِ، وَالْكَفّ مِنْ السّوِيقِ، وَذَلِكَ كُلّهُ قَلِيلٌ.
فَلَمّا اجْتَمَعَتْ أَزْوَادُهُمْ وَانْقَطَعَتْ مَوَادّهُمْ مَشَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهَا فَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمّ قَالَ: قُرّبُوا أَوْعِيَتَكُمْ!
فَجَاءُوا بِأَوْعِيَتِهِمْ. قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: فَأَنَا حَاضِرٌ، فَيَأْتِي الرّجُلُ فَيَأْخُذُ مَا شَاءَ مِنْ الزّادِ حَتّى إنّ الرّجُلَ لَيَأْخُذَ مَا لَا يَجِدُ لَهُ مَحْمَلًا، ثُمّ أَذِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرّحِيلِ، فَلَمّا ارْتَحَلُوا مُطِرُوا مَا شَاءُوا وَهُمْ صَائِفُونَ.
فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَزَلُوا مَعَهُ، فَشَرِبُوا مِنْ الْمَاءِ، فَقَامَ رسول
[ (١) ] أرمل القوم: إذا نفد زادهم. (الصحاح، ص ١٨١٣) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute