للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النّخْلِ وَأَفْنَانٌ مُنْكَرَةٌ، فَكُلّمَا ضَرَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ اسْتَتَرَ بِالْعُشْرِ حَتّى قَطَعَا كُلّ سَاقٍ لَهَا، وَبَقِيَ أَصْلَهَا قَائِمًا [ (١) ] كَأَنّهُ الرّجُلُ الْقَائِمُ. وَأَفْضَى كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبِهِ، وَبَدَرَ مَرْحَبٌ مُحَمّدًا، فَيَرْفَعُ السّيْفَ لِيَضْرِبَهُ، فَاتّقَاهُ مُحَمّدٌ بِالدّرَقَةِ فَلَحِجَ [ (٢) ] سَيْفَهُ، وَعَلَى مَرْحَبٍ دِرْعٌ مُشَمّرَةٌ، فَيَضْرِبُ مُحَمّدٌ سَاقَيْ مَرْحَبٍ فَقَطَعَهُمَا. وَيُقَالُ: لَمّا اتّقَى مُحَمّدٌ بِالدّرَقَةِ وَشَمّرَتْ الدّرْعُ عَنْ سَاقَيْ مَرْحَبٍ حِينَ رَفَعَ يَدَيْهِ بِالسّيْفِ، فَطَأْطَأَ مُحَمّدٌ بِالسّيْفِ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَوَقَعَ مَرْحَبٌ، فَقَالَ مَرْحَبٌ: أَجْهِزْ يَا مُحَمّدُ! قَالَ مُحَمّدٌ: ذُقْ الْمَوْتَ كَمَا ذَاقَهُ أَخِي مَحْمُودٌ! وَجَاوَزَهُ وَمَرّ بِهِ عَلِيّ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَلَبِهِ،

فَقَالَ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ:

يَا رَسُولَ اللهِ، وَاَللهِ مَا قَطَعْت رِجْلَيْهِ ثُمّ تَرَكْته إلّا لِيَذُوقَ مُرّ السّلَاحِ وَشِدّةِ الْمَوْتِ كَمَا ذَاقَ أَخِي، مَكَثَ ثَلَاثًا يَمُوتُ، وَمَا مَنَعَنِي مِنْ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ شَيْءٌ، قَدْ كُنْت قَادِرًا بَعْدَ أَنْ قَطَعْت رِجْلَيْهِ أَنْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ:

صَدَقَ، ضَرَبْت عُنُقَهُ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ رِجْلَيْهِ.

فَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ سَيْفَهُ وَدِرْعَهُ وَمِغْفَرَهُ وَبَيْضَتَهُ، فَكَانَ عِنْدَ آلِ مُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ سَيْفُهُ فِيهِ كِتَابٌ لَا يُدْرَى مَا هُوَ حَتّى قَرَأَهُ يَهُودِيّ مِنْ يَهُودِ تَيْمَاءَ فَإِذَا فِيهِ:

هَذَا سَيْفُ مَرْحَبْ ... مَنْ يَذُقْهُ يَعْطَبْ

حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ، وَحَدّثَنِي زَكَرِيّا بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أبيه، عن سلمة بن سلامة، ومجمّع


[ (١) ] فى الأصل: «قائم» .
[ (٢) ] لحج السيف: أى نشب فى الغمد فلا يخرج. (الصحاح، ص ٣٣٨) .