للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

- وَلَكِنْ إنّمَا سُمّيَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ لِأَنّهُمْ كَانُوا أَهْلَ شَجَاعَةٍ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ فِي حِصْنِ نَاعِم جَمِيعًا. وَلَمّا رُمِيَ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ حِصْنِ نَاعِم حَمَلَ إلَى الرّجِيعِ فَمَكَثَ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ يَمُوتُ، وَكَانَ الّذِي دَلّى عَلَيْهِ الرّحَا مَرْحَبٌ، فَجَعَلَ مَحْمُودٌ يَقُولُ لِأَخِيهِ: يَا أَخِي، بَنَاتُ أَخِيك لَا يَتْبَعْنَ الْأَفْيَاءَ [ (١) ] ، يَسْأَلْنَ النّاسَ. فَيَقُولُ مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: لَوْ لَمْ تَتْرُكْ مَالًا لَكَانَ لِي مَالٌ.

وَمَحْمُودٌ كَانَ أَكْثَرُهُمَا مَالًا- وَلَمْ يَنْزِلْ يَوْمئِذٍ فَرَائِضُ الْبَنَاتِ- فَلَمّا كَانَ الْيَوْمُ الّذِي مَاتَ فِيهِ مَحْمُودٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الثّالِثُ، وَهُوَ الْيَوْمُ الّذِي قُتِلَ فِيهِ مَرْحَبٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ رَجُلٌ يُبَشّرُ مَحْمُودُ بْنُ مَسْلَمَةَ أَنّ اللهَ قَدْ أَنْزَلَ فَرَائِضَ الْبَنَاتِ، وَأَنّ مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ قَدْ قَتَلَ قَاتِلَهُ؟ فَخَرَجَ جُعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ إلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ فَسُرّ بِذَلِكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقْرِئَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السّلَامَ مِنْهُ. قَالَ: فَأَقْرَأْته مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال مَحْمُودٌ. لَا أَرَاهُ يَذْكُرُنِي، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبِيتُ فِي مَوْضِعِهِ بِالرّجِيعِ فَمَاتَ خِلَافَهُ، فَلَمّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَنْزِلَةٍ، وَقَدْ جُرِحَ عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ نَفْسَهُ، حُمِلَ إلَى الرّجِيعِ فَمَاتَ، فَقُبِرَ عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ مَعَهُ فِي غَارٍ. فَقَالَ مُحَمّدٌ: يَا رَسُولَ اللهِ اقْطَعْ لِي عِنْدَ قَبْرِ أَخِي. قَالَ: لَك حَضَرُ [ (٢) ] الْفَرَسِ فَإِنْ عَمِلْت فَلَك حَضَرُ فَرَسَيْنِ.

وَكَانَ حِصْنُ الصّعْبِ بْنِ مُعَاذٍ فِي النّطَاةِ، وَكَانَ حِصْنُ الْيَهُودِ فِيهِ الطّعَامُ وَالْوَدَكُ وَالْمَاشِيَةُ وَالْمَتَاعُ، وَكَانَ فِيهِ خَمْسُمِائَةِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ النّاسُ قَدْ أَقَامُوا أَيّامًا يُقَاتِلُونَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ إلّا العلف [ (٣) ] . قال معتّب الأسلمىّ:


[ (١) ] فى الأصل: «إلا فيا» ، ولعل ما أثبتناه أقرب إلى السياق. والأفياء: جمع فيء.
[ (٢) ] حضر الفرس: عدوه. (النهاية، ج ١، ص ٢٣٤) . أى لك بأرض خيبر هذا القدر.
[ (٣) ] فى الأصل: «الغلق» .