للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَالُوا: وَكَانَتْ أُمّ بِشْرِ بْنِ الْبَرَاءِ تَقُولُ: دَخَلْت عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الّذِي مَاتَ فِيهِ وَهُوَ مَحْمُومٌ فَمَسِسْته فَقُلْت: مَا وَجَدْت مِثْلَ [مَا] وُعِكَ [ (١) ] عَلَيْك عَلَى أَحَدٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

كَمَا يُضَاعَفُ لَنَا الْأَجْرُ كَذَلِكَ يُضَاعَفُ لَنَا الْبَلَاءُ، زَعَمَ النّاسُ أَنّ بِرَسُولِ اللهِ ذَاتُ الْجَنْبِ! مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلّطَهَا عَلَيّ، إنّمَا هِيَ هَمْزَةٌ مِنْ الشّيْطَانِ، وَلَكِنّهُ مِنْ الْأَكْلَةِ الّتِي أَكَلْت أَنَا وَابْنُك يَوْمَ خَيْبَرَ. مَا زَالَ يُصِيبُنِي مِنْهَا عِدَادٌ [ (٢) ] حَتّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعٍ [ (٣) ] أَبْهَرِيّ [ (٤) ] .

فَمَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِيدًا. وَيُقَالُ: إنّ الّذِي مَاتَ فِي الشّاةِ مُبَشّرُ بْنُ الْبَرَاءِ. وَبِشْرٌ أَثْبَتُ عِنْدَنَا، وَهُوَ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ.

قَالَ عَبْدُ اللهِ: سَأَلْت إبْرَاهِيمَ بْنَ جَعْفَرٍ عَنْ قَوْلِ زَيْنَبَ ابْنَةِ الْحَارِثِ «قَتَلْت أَبِي» قَالَ: قُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَبُوهَا الْحَارِثُ وَعَمّهَا يَسَارٌ، وَكَانَ أَخْبَرَ النّاسِ، هُوَ الّذِي أُنْزِلَ مِنْ الشّقّ، وَكَانَ الْحَارِثُ أَشْجَعَ الْيَهُودِ، وَأَخُوهُ زُبَيْرُ قُتِلَ يَوْمئِذٍ، فَكَانَ زَوْجُهَا سَيّدَهُمْ وَأَشْجَعَهُمْ سَلّامَ بْنَ مِشْكَمٍ، كَانَ مَرِيضًا وَكَانَ فِي حُصُونِ النّطَاةِ فَقِيلَ لَهُ: إنّهُ لَا قِتَالَ فِيكُمْ فَكُنْ فِي الْكَتِيبَةِ. قَالَ:

لَا أَفْعَلُ أَبَدًا. فَقُتِلَ وَهُوَ مَرِيضٌ، وَهُوَ أَبُو الْحَكَمِ الّذِي يَقُولُ فِيهِ الرّبِيعُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ:

وَلَمّا تَدَاعَوْا بِأَسْيَافِهِمْ ... فَكَانَ الطّعَانُ دعونا سلاما


[ (١) ] الوعك: الحمى. (النهاية، ج ٤، ص ٢٢١) .
[ (٢) ] العداد: اهتياج وجع اللديغ، وذلك إذا تمت له سنة من يوم لدغ هاج به الألم. (النهاية، ج ٣، ص ٧١) .
[ (٣) ] فى الأصل: «انقطع» ، وما أثبتناه من السيرة الحلبية. (ج ٢، ص ١٨١) .
[ (٤) ] الأبهر: العرق المتعلق بالقلب. (السيرة الحلبية، ج ٢، ص ١٨١) .