للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَلَّمَ. فَلَمّا نَزَلُوا بِوَادِي الْقُرَى انْتَهَيْنَا إلَى الْيَهُودِ وَقَدْ ضَوَى إلَيْهَا أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ، فَبَيْنَا مِدْعَمٌ يَحُطّ رَحْلَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ اسْتَقْبَلَتْنَا الْيَهُودُ بِالرّمْيِ حَيْثُ نَزَلْنَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى تَعْبِيَةٍ وَهُمْ يَصِيحُونَ [ (١) ] فِي آطَامِهِمْ، فَيَقْبَلُ سَهْمٌ عَائِرٌ [ (٢) ] فَأَصَابَ مِدْعَمًا فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النّاسُ: هَنِيئًا لَك الْجَنّةُ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَلّا وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنّ الشّمْلَةَ الّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنْ الْمَغَانِمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمُقْسِمُ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا. فَلَمّا سَمِعَ بِذَلِكَ النّاسُ جَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاكٍ [ (٣) ] أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ! أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.

وَعَبّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ وَصَفّهُمْ، وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، وَرَايَةً إلَى الْحُباَبِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرَايَةً إلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَرَايَةً إلَى عَبّادِ بْنِ بِشْرٍ. ثُمّ دَعَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبَرَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَحَقَنُوا دِمَاءَهُمْ وَحِسَابَهُمْ عَلَى اللهِ. فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَبَرَزَ إلَيْهِ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوَامّ فَقَتَلَهُ، ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ إلَيْهِ الزّبَيْرُ فَقَتَلَهُ، ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامِ فَقَتَلَهُ، ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، ثُمّ بَرَزَ آخَرُ فَبَرَزَ لَهُ أَبُو دُجَانَةَ فَقَتَلَهُ، حَتّى قَتَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، كُلّمَا قَتَلَ رَجُلٌ دَعَا مَنْ بَقِيَ إلَى الْإِسْلَامِ. وَلَقَدْ كَانَتْ الصّلَاةُ تَحْضُرُ يَوْمئِذٍ فَيُصَلّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ ثُمّ يَعُودُ فَيَدْعُوهُمْ إلَى اللهِ ورسوله،


[ (١) ] فى الأصل: «يضيجون» . وما أثبتناه عن ابن كثير يروى عن الواقدي. (البداية والنهاية، ج ٤، ص ٣١٨) .
[ (٢) ] العائر من السهام: ما لا يدرى راميه. (القاموس المحيط، ج ٢، ص ٩٧) .
[ (٣) ] الشراك: أحد سيور النعل التي تكون على وجهها. (النهاية، ج ٢، ص ٢١٦) .