للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَدّ عَلَيّ السّلَامَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَقُلْت: إنّي أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هَدَاك! قَدْ كُنْت أَرَى لَك عَقْلًا رَجَوْت أَلّا يُسَلّمَك إلّا إلَى الْخَيْرِ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ رَأَيْت مَا كُنْت أَشْهَدُ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ عَلَيْك مُعَانِدًا عَنْ الْحَقّ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَغْفِرَهَا لِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: الإسلام يحبّ مَا كَانَ قَبْلَهُ قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اللهُمّ اغْفِرْ لِخَالِدٍ كُلّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدّ عَنْ سَبِيلِك. قَالَ خَالِدٌ: وَتَقَدّمَ عَمْرٌو، وَعُثْمَانُ، فَبَايَعَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ قُدُومُنَا فى صفر سنة ثمان، فو الله مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمْت يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا حَزَبَهُ [ (١) ] .

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَأَلْت عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ زهير الكعبىّ: منى كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خُزَاعَةَ كِتَابَهُ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنّهُ كَتَبَ لَهُمْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ.

وَذَلِكَ أَنّهُ أَسْلَمَ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ كَثِيرٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ بَعْدَ مُقِيمٍ عَلَى شِرْكِهِ، وَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَبْقَ مِنْ خُزَاعَةَ أَحَدٌ إلّا مُسْلِمٌ مُصَدّقٌ بِمُحَمّدٍ، قَدْ أَتَوْا بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ فِيمَنْ حَوْلَهُ قَلِيلٌ، حَتّى قَدِمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَابْنَا هَوْذَةَ وَهَاجَرُوا، فَذَلِكَ حَيْثُ كَتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى خُزَاعَةَ: بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ، مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللهِ إلَى بُدَيْلٍ، وَبِشْرٍ [ (٢) ] ، وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، فَإِنّي أَحْمَدُ اللهَ إلَيْكُمْ، الله لَا إلَهَ إلّا هُوَ، أَمّا بَعْدُ، فَإِنّي لم آثم بإلّكم، ولم أضع فى


[ (١) ] فى الأصل: «خرته» .
[ (٢) ] هكذا فى الأصل. وفى ابن سعد: «بسر» . (الطبقات، ج ١، ص ٢٥) .