للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا الْبَيْتَ أَشَدّ تَعْظِيمًا لِهَذَا الْبَيْتِ مِنْ نُفَاثَةَ، وَهُمْ حَلْفَاؤُنَا فَلَا نَبْرَأُ مِنْ حِلْفِهِمْ، مَا بَقِيَ لَنَا سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ [ (١) ] ، وَلَكِنّا نَنْبِذُ إلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ. فَرَجَعَ ضَمْرَةُ إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك مِنْ قَوْلِهِمْ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ تَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجَدّدَ الْعَهْدَ، وَنَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى رَدّ الرّسُولِ بِمَا رَدّوهُ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: فَكُلّ أَصْحَابِنَا أَنْكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ. وَقَالَ:

فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَنْقَابِ [ (٢) ] وَعَمّى عَلَيْهِمْ الْأَخْبَارَ حَتّى دَخَلَهَا فُجَاءَةً- حَتّى ذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ لِحِزَامِ بْنِ هِشَامٍ الْكَعْبِيّ فَقَالَ: لَمْ يُضَيّعْ الّذِي حَدّثَك شَيْئًا، وَلَكِنّ الْأَمْرُ عَلَى مَا أَقُولُ لَك- نَدِمَتْ قُرَيْشٌ عَلَى عَوْنِ نُفَاثَةَ وَقَالُوا: مُحَمّدٌ غَازِينَا! قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ- وَهُوَ عِنْدَهُمْ يَوْمئِذٍ كَافِرٌ مُرْتَدّ- إنّ عِنْدِي رَأْيًا، أَنّ مُحَمّدًا لَيْسَ يَغْزُوكُمْ حَتّى يُعْذِرُ إلَيْكُمْ وَيُخَيّرُكُمْ فِي خِصَالٍ كُلّهَا أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ مِنْ غَزْوِهِ. قَالُوا: مَا هِيَ؟ قَالَ: يرسل أن ادوا قتلى خزاعة وهم ثلاثة وعشرون قتيلا، أو تبرأوا مِنْ حِلْفِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ بَيْنَنَا- بَنُو نُفَاثَةَ- أَوْ نَنْبِذُ إلَيْكُمْ الْحَرْبَ [ (٣) ] ، فَمَا عِنْدَكُمْ فِي هَذِهِ الْخِصَالِ؟ قَالَ الْقَوْمُ: آخِرُ مَا قَالَ ابْنُ أَبِي السّرْحِ! وَقَدْ كَانَ بِهِ عَالِمًا. فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: مَا خُصْلَةٌ أَيْسَرَ عَلَيْنَا مِنْ التّبَرّؤِ مِنْ حِلْفِ بَنِي نفاثة. قال شيبة ابن عُثْمَانَ الْعَبْدَرِيّ: حَفِظَتْ أَخْوَالُك وَغَضِبَتْ لَهُمْ! قَالَ سُهَيْلٌ: وَأَبُو قُرَيْشٍ لَمْ تَلِدْهُ خُزَاعَةُ. قَالَ شَيْبَةُ: لَا، وَلَكِنّا نَدِي قَتْلَى خُزَاعَةَ، فَهُوَ أهون


[ (١) ] فى الأصل: «سيدا ولا لبدا» .
[ (٢) ] الأنقاب: طرق المدينة. (النهاية، ج ٤، ص ٢١٨) .
[ (٣) ] فى الزرقانى عن الواقدي: «أو ننبذ إليكم على سواء» . (شرح على المواهب اللدنية، ج ٢، ص ٣٤٦) .