للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ امْرُؤٌ نَجَسٌ مُشْرِكٌ! قَالَ: يَا بُنَيّةُ، لَقَدْ أَصَابَك بِعِلْمِك شَرّ! قَالَتْ: هَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ يَا أَبَت سَيّدُ قُرَيْشٍ وَكَبِيرُهَا، كَيْفَ يَسْقُطُ عَنْك الدّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنْتَ تَعْبُدُ حَجَرًا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ؟ قَالَ: يَا عَجَبَاه، وَهَذَا مِنْك أَيْضًا؟

أَأَتْرُكُ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَائِي وَأَتّبِعُ دِينَ مُحَمّدٍ؟ ثُمّ قَامَ مِنْ عِنْدِهَا فَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَكَلّمَهُ وَقَالَ: تُكَلّمُ مُحَمّدًا وَتُجِيرُ أَنْتَ بَيْنَ النّاسِ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: جِوَارِي فِي جِوَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثم لقى عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَكَلّمَهُ بِمِثْلِ مَا كَلّمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ:

وَاَللهِ، لَوْ وَجَدْت الذّرّ [ (١) ] تُقَاتِلُكُمْ لَأَعَنْتهَا عَلَيْكُمْ! قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: جُزِيَتْ مِنْ ذِي رَحِمٍ شَرّا. ثُمّ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ:

إنّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ أَقْرَبُ بِي رَحِمًا مِنْك، فَزِدْ فِي الْهُدْنَةِ وَجَدّدْ الْعَهْدَ، فَإِنّ صَاحِبَك لَنْ [ (٢) ] يَرُدّهُ عَلَيْك أَبَدًا، وَاَللهِ مَا رَأَيْت رَجُلًا قَطّ أَكْثَرَ إكْرَامًا لِصَاحِبٍ مِنْ مُحَمّدٍ لِأَصْحَابِهِ! قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: جِوَارِي فِي جِوَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَحَدّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ على فَاطِمَةُ بِنْتُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلّمَهَا فَقَالَ: أَجِيرِي بَيْنَ النّاسِ! فَقَالَتْ:

إنّمَا أَنَا امْرَأَةٌ. قَالَ: إنّ جِوَارَك جَائِزٌ، قَدْ أَجَارَتْ أُخْتُك أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرّبِيعِ، فَأَجَازَ ذَلِكَ مُحَمّدٌ. قَالَتْ فَاطِمَةُ: ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وَأَبَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مُرِي أَحَدَ بَنِيك يُجِيرُ بَيْنَ الناس!


[ (١) ] الذر: النمل الأحمر الصغير. (النهاية، ج ٢، ص ٤٤) .
[ (٢) ] فى الأصل: «لم يرده» .