للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلَاثُمِائَةِ صَنَمٍ، وَسِتّونَ صَنَمًا مُرَصّصَةٌ بِالرّصَاصِ وَكَانَ هُبَلُ أَعْظَمُهَا، وَهُوَ وِجَاهَ الْكَعْبَةِ عَلَى بَابِهَا، وَإِسَافُ وَنَائِلَةُ حَيْثُ يَنْحَرُونَ وَيَذْبَحُونَ الذّبَائِحَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلّمَا مَرّ بِصَنَمِ مِنْهَا يُشِيرُ بِقَضِيبِ فِي يَدِهِ [وَيَقُولُ] : جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [ (١) ] . فَيَقَعُ الصّنَمُ لِوَجْهِهِ.

قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه، قَالَ: مَا يَزِيدُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُشِيرَ بِالْقَضِيبِ إلَى الصّنَمِ فَيَقَعُ لِوَجْهِهِ، فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الرّكْنَ الْأَسْوَدَ بِمِحْجَنِهِ فِي كُلّ طَوَافٍ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْ سَبْعِهِ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، وَجَاءَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَضْلَةَ فَأَخْرَجَ رَاحِلَتَهُ، ثُمّ انْتَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَقَامِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ لَاصِقٌ بِالْكَعْبَةِ، وَالدّرْعُ عَلَيْهِ وَالْمِغْفَرُ، وَعِمَامَتُهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ انْصَرَفَ إلَى زَمْزَمَ فَاطّلَعَ فِيهَا، وَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَغْلِبَ بَنُو عَبْدِ الْمُطّلِبِ لَنَزَعْت مِنْهَا دَلْوًا. فَنَزَعَ لَهُ الْعَبّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ. وَيُقَالُ:

الّذِي نَزَعَ الدّلْوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ. وَأَمَرَ بِهُبَلَ فَكُسِرَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ. فَقَالَ الزّبَيْرُ بْنُ الْعَوّامِ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، قَدْ كُسِرَ هُبَلُ! أَمَا إنّك قَدْ كُنْت مِنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي غُرُورٍ، حِينَ تَزْعُمُ أَنّهُ قَدْ أَنْعَمَ! فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: دَعْ هَذَا عَنْك يَا ابْنَ الْعَوّامِ، فَقَدْ أَرَى لَوْ كَانَ مَعَ إلَهِ مُحَمّدٍ غَيْرُهُ لَكَانَ غَيْرَ مَا كَانَ! قَالُوا: ثُمّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلّم فجلس ناحية من


[ (١) ] سورة ١٧ الإسراء ٨١