لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ بَثّ السّرَايَا، فَبَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلَى الْعُزّى، وَبَعَثَ إلَى ذِي الْكَفّيْنِ- صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ- الطّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدّوْسِيّ، فَجَعَلَ يُحَرّقُهُ بِالنّارِ وَيَقُولُ:
يَا ذَا الكفين لست من عبادكا ... ميلادنا أقدم من مِيلَادِكَا
أَنَا حَشَشْت النّارَ فِي فُؤَادِكَا
وَبَعَثَ سَعْدَ بْنَ زَيْدٍ الْأَشْهَلِيّ إلَى مَنَاةَ بِالْمُشَلّلِ فَهَدَمَهُ، وَبَعَثَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ إلَى صَنَمِ هُذَيْلٍ- سُوَاعٍ- فَهَدَمَهُ، فَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: انْتَهَيْت إلَيْهِ وَعِنْدَهُ السّادِنُ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ فَقُلْت: هدم سواع. فقال: مالك وَلَهُ؟
فَقُلْت: أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قَالَ: لَا تَقْدِرُ عَلَى هَدْمِهِ. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: يَمْتَنِعُ. قَالَ عَمْرٌو: حَتّى الْآنَ أَنْتَ فِي الْبَاطِلِ! وَيْحَك هَلْ يَسْمَعُ أَوْ يُبْصِرُ؟ قَالَ عَمْرٌو: فَدَنَوْت إلَيْهِ فَكَسَرْته، وَأَمَرْت أَصْحَابِي فَهَدَمُوا بَيْتَ خِزَانَتِهِ، وَلَمْ يَجِدُوا فِيهَا شَيْئًا، ثُمّ قَالَ لِلسّادِنِ:
كَيْفَ رَأَيْت؟ قَالَ: أَسْلَمْت لِلّهِ. ثُمّ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكّةَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللهِ وَبِرَسُولِهِ فَلَا يَدَعَن فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إلّا كَسَرَهُ.
قَالَ: فَجَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَكْسِرُونَ تِلْكَ الْأَصْنَامَ، وَكَانَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ حِينَ أَسْلَمَ لَا يَسْمَعُ بِصَنَمٍ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ قُرَيْشٍ إلّا مَشَى إلَيْهِ حَتّى يَكْسِرَهُ، وَكَانَ أَبُو تِجْرَاةَ يَعْمَلُهَا فِي الْجَاهِلِيّةِ وَيَبِيعُهَا. قَالَ سَعْدُ بْنُ عَمْرٍو:
أَخْبَرَنِي أَنّهُ كَانَ يَرَاهُ يَعْمَلُهَا وَيَبِيعُهَا. وَلَمْ يَكُنْ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَكّةَ إلّا وَفِي بَيْتِهِ صَنَمٌ.
قَالَ: وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ بَعْضِ آلِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: لَمّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ نَادَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute