للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُلْت: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: هَلْ أَنْتَ آخِذٌ برمَّتى [ (١) ] هَذِهِ فمقدِّمى إلَى النُّسيَّات، ثُمّ رَادّي فَفَاعِلٍ بِي مَا فُعِلَ بِأَصْحَابِي؟ قَالَ: قَدْ سَأَلْت يَسِيرًا. قَالَ:

وَأَخَذْت برمَّته فَانْتَهَيْت بِهِ إلَى النِّسوة. فَلَمّا انْتَهَى إليهنَّ كلَّم امْرَأَةً منهنَّ بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ. قَالَ: ثُمّ رَجَعْت بِهِ حَتّى رَدَدْته فِي الْأَسْرَى، فَقَامَ بَعْضُهُمْ فَضَرَبَ عُنُقَهُ.

وَيُقَالُ: إنَّ فَتًى مِنْ بَنِي جَذِيمَةَ أَدْرَكَهُ الْجَيْشُ عَشِيّةً، فَنَادَى فِي الْقَوْمِ فكفَّ عَنْهُ، وَكَانَ الّذِينَ يَطْلُبُونَهُ [ (٢) ] بَنُو سُلَيْمٍ، وَكَانُوا عَلَيْهِ مُتَغَيّظِينَ فِي حُرُوبٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ بِبَرْزَةَ [ (٣) ] وَغَيْرِهَا، وَكَانَتْ بَنُو جَذِيمَةَ قَدْ أَصَابُوهُمْ بِبَرْزَةَ وَهُمْ مَوْتُورُونَ يُرِيدُونَ الْقَوَدَ مِنْهُمْ. فَشَجُعُوا عَلَيْهِ، فَلَمّا لَمْ يَرَ إلّا أَنّهُمْ يَقْتُلُونَهُ شَدّ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ رَجُلًا، ثُمّ شَدّ عَلَيْهِمْ ثَانِيَةً فَقَتَلَ مِنْهُمْ آخَرُ، ثُمّ جَاءَ الظّلَامُ فَحَالَ بَيْنَهُمْ، وَوَجَدَ الْفَتَى فُرْجَةً، حَتّى إذَا كَانَ الْغَدَاةُ جَاءَ وَقَدْ قَتَلَ مِنْ الْقَوْمِ رَجُلَيْنِ، وَالنّسَاءُ وَالذّرّيّةُ فِي يَدِ خَالِدٍ، فَاسْتَأْمَنَ فَعَرَضَ فَرَسَهُ، فَلَمّا نَظَرُوا إلَيْهِ قَالُوا، هَذَا الّذِي صَنَعَ بِالْأَمْسِ مَا صَنَعَ، فَنَاوَشُوهُ عامَّة النّهَارِ ثُمّ أَعْجَزَهُمْ وَكَرّ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَنْزِلَ، عَلَى أَنْ تُعْطُونِي عهدا وميثاقا لتصنعنّ بى مَا تَصْنَعُونَ بِالظّعُنِ، إنْ استحييتموهن اسْتَحْيَيْت وَإِنْ قتلتموهنَّ قَتَلْت؟ قَالُوا: لَك ذَلِكَ.

فَنَزَلَ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيثَاقِهِ، فَلَمّا نَزَلَ قَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: هَذَا صَاحِبُنَا الّذِي فَعَلَ بِالْأَمْسِ مَا فَعَلَ. قَالُوا: انْطَلِقُوا بِهِ إلَى الْأَسْرَى مِنْ الرّجَالِ، فَإِنْ قَتَلَهُ خَالِدٌ فَهُوَ إمَامٌ وَنَحْنُ لَهُ تَبَعٌ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ كَانَ كَأَحَدِهِمْ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنّمَا جَعَلْنَا لَهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ أَنْ يكون مع الظّعن، وأنتم تعلمون


[ (١) ] الرمة: قطعة من الحبل. (القاموس المحيط، ج ٤، ص ١٢٢) .
[ (٢) ] فى الأصل: «الذي يطلبونه» .
[ (٣) ] فى الأصل: «ببرره» وبرزة: موضع فى ديار بنى كنانة، وفى هذا الموضع أوقعت بنو فراس بن مالك من بنى كنانة ببني سليم، (معجم ما استعجم، ص ١٥٢) .