للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يَسِيرَ إلَيْنَا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ سَارَ إلَيْنَا لَوَجَدَ حِصْنًا حَصِينًا نُقَاتِلُ دُونَهُ، وَطَعَامًا كَثِيرًا، حَتّى نُصِيبَهُ أَوْ يَنْصَرِفَ، وَلَكِنّا لَا نُرِيدُ ذَلِكَ، وَنَسِيرُ مَعَكُمْ وَنَكُونُ يَدًا وَاحِدَةً. فَخَرَجُوا مَعَهُمْ. قَالَ غَيْلَانُ بْنُ سَلَمَةَ الثّقَفِيّ لَبَنِيهِ، وَهُمْ عَشَرَةٌ:

إنّي أُرِيدُ أَمْرًا كَائِنَةً لَهُ أُمُورٌ، لَا يَشْهَدُهَا رَجُلٌ مِنْكُمْ إلّا عَلَى فَرَسِهِ. فَشَهِدَهَا عَشَرَةٌ مِنْ وَلَدِهِ عَلَى عَشَرَةِ أَفْرَاسٍ، فَلَمّا انْهَزَمُوا بَأَوْطَاسٍ هَرَبُوا، فَدَخَلُوا حِصْنَ الطّائِفِ فَغَلّقُوهُ. وَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يالَيْل: يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ، إنّكُمْ تَخْرُجُونَ مِنْ حِصْنِكُمْ وَتَسِيرُونَ إلَى رَجُلٍ لَا تَدْرُونَ أَيَكُونُ لَكُمْ أَمْ عَلَيْكُمْ، فَمُرُوا بِحِصْنِكُمْ أَنْ يُرَمّ مَا رَثّ مِنْهُ، فَإِنّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلّكُمْ تَحْتَاجُونَ إلَيْهِ. فَأَمَرُوا بِهِ أَنْ يُصْلَحَ، وَخَلّفُوا عَلَى مَرَمّتِهِ رَجُلًا وَسَارُوا، وَشَهِدَهَا نَاسٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ لَيْسُوا بِكَثِيرٍ، مَا يَبْلُغُونَ مِائَةً، وَلَمْ يَحْضُرْهَا مِنْ هَوَازِنَ كَعْبٌ وَلَا كِلَابٌ، وَلَقَدْ كَانَتْ كِلَابٌ قَرِيبَةً، فَقِيلَ لِبَعْضِهِمْ: لِمَ تَرَكَتْهَا كِلَابٌ فَلَمْ تَحْضُرْهَا؟ فَقَالَ: أَمَا وَاَللهِ إنْ كَانَتْ لَقَرِيبَةٌ، وَلَكِنّ ابْنَ أَبِي الْبَرَاءِ مَشَى فَنَهَاهَا عَنْ الْحُضُورِ فَأَطَاعَتْهُ، وَقَالَ: وَاَللهِ، لَوْ نَأَوْا مُحَمّدًا [ (١) ] مِنْ بَيْنِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَظَهَرَ عَلَيْهِ [ (٢) ] .

وَنَصَرَهَا دُرَيْدُ بْنُ الصّمّةِ فِي بَنِي جُشَمٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ سِتّينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ، شَيْخٌ كَبِيرٌ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ إلّا التّيَمّنُ بِهِ وَمَعْرِفَتُهُ بِالْحَرْبِ، وَكَانَ شَيْخًا مُجَرّبًا، وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ يَوْمَئِذٍ. وَجِمَاعُ النّاسِ، ثَقِيفٌ وَغَيْرُهَا مِنْ هَوَازِنَ، إلَى مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ النّصْرِيّ، فَلَمّا أَجْمَعَ مَالِكٌ الْمَسِيرَ بِالنّاسِ إلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النّاسَ فَجَاءُوا مَعَهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ حَتّى نَزَلُوا بَأَوْطَاسٍ، وَاجْتَمَعَ النّاسُ بِهِ فَعَسْكَرُوا وَأَقَامُوا بِهِ، وجعلت الأمداد


[ (١) ] في الأصل: «محمد»
[ (٢) ] فى الأصل: «عليها» .