للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لَا تَعْمِدْ إلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ، يُعْطِيك سَلَبَهُ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إيّاهُ.

قَالَ أَبُو قَتَادَةَ:

فَأَعْطَانِيهِ، فَقَالَ لِي حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَتَبِيعُ السّلَاحَ؟

فَبِعْته مِنْهُ بِسَبْعِ أَوَاقٍ، فَأَتَيْت الْمَدِينَةَ فَاشْتَرَيْت بِهِ مَخْرَفًا [ (١) ] فِي بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ الرّدَيْنِيّ، فَإِنّهُ لَأَوّلُ مَالٍ لِي نِلْته فِي الْإِسْلَامِ، فَلَمْ نَزَلْ نَعِيشُ مِنْهُ إلَى يَوْمِنَا هَذَا.

وَكَانَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَدْ تَعَاهَدَ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ حِينَ وُجّهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حُنَيْنٍ- وَكَانَ أُمَيّةُ بْنُ خَلَفٍ قُتِلَ يَوْمَ بَدْر، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ- فَكَانَا تَعَاهَدَا إنْ رَأَيَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَائِرَةً أَنْ يَكُونَا عَلَيْهِ، وَهُمَا خَلْفَهُ.

قَالَ شَيْبَةُ: فَأَدْخَلَ اللهُ الْإِيمَانَ قُلُوبَنَا. قَالَ شَيْبَةُ: لَقَدْ هَمَمْت بِقَتْلِهِ، فَأَقْبَلَ شَيْءٌ حَتّى تَغَشّى فُؤَادِي فَلَمْ أُطِقْ ذَلِكَ، وَعَلِمْت أَنّهُ قَدْ مُنِعَ مِنّي.

وَيُقَالُ: قَالَ: غَشِيَتْنِي ظُلْمَةٌ حَتّى لَا أُبْصِرُ، فَعَرَفْت أَنّهُ مُمْتَنِعٌ مِنّي وَأَيْقَنْت بِالْإِسْلَامِ. وَقَدْ سَمِعْت فِي قِصّةِ شَيْبَةَ وَجْهًا آخَرَ، كَانَ شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولُ:

لَمّا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا مَكّةَ فَظَفِرَ بِهَا وَخَرَجَ إلَى هَوَازِنَ، قُلْت: أَخْرُجُ لَعَلّي أُدْرِكُ ثَأْرِي! وَذَكَرْت قَتْلَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ، قَتَلَهُ حَمْزَةُ، وَعَمّي قَتَلَهُ عَلِيّ. قَالَ: فَلَمّا انْهَزَمَ أَصْحَابُهُ جِئْته عَنْ يَمِينِهِ، فَإِذَا الْعَبّاسُ قَائِمٌ، عَلَيْهِ دِرْعٌ بَيْضَاءُ كَالْفِضّةِ يَنْكَشِفُ عَنْهَا الْعَجَاجُ [ (٢) ] ، فَقُلْت: عَمّهُ لَنْ يَخْذُلَهُ! قَالَ: ثُمّ جِئْته عَنْ يَسَارِهِ فَإِذَا بِأَبِي سُفْيَانَ ابن عمّه، فقلت:


[ (١) ] المخرف: الحائط من النخل. (النهاية، ج ١، ص ٢٨٩) .
[ (٢) ] العجاج: الغبار. (الصحاح، ص ٣٢٧) .