للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الّذِي صَنَعُوا قَالَ: اللهُمّ، عَلَيْك بِبَنِي بُكْمَةَ- وَلَا يَشْعُرُونَ أَنّ لَهُمْ أُمّا اسْمُهَا بُكْمَةُ- أَمّا فِي قَوْمِي فَوَضَعُوا السّلَاحَ وَضْعًا، وَأَمّا عَنْ قَوْمِهِمْ فَرَفَعُوا رَفْعًا! وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَلَبِ الْقَوْمِ، ثُمّ قَالَ لِخَيْلِهِ: إنْ قَدَرْتُمْ عَلَى بِجَادٍ فَلَا يُفْلِتَنّ مِنْكُمْ! وَقَدْ كَانَ أَحْدَثَ حَدَثًا عَظِيمًا، وَكَانَ مِنْ بَنِي سَعْدٍ، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، فَأَخَذَهُ بِجَادٌ فَقَطّعَهُ عُضْوًا عُضْوًا ثُمّ حَرّقَهُ بِالنّارِ، فَكَانَ قَدْ عُرِفَ جُرْمُهُ فَهَرَبَ. فَأَخَذَتْهُ الْخَيْلُ، فَضَمّوهُ إلَى الشّيْمَاءِ [ (١) ] بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزّى أُخْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرّضَاعَةِ، فَعَنّفُوا عَلَيْهَا فِي السّيَاقِ، فَجَعَلَتْ الشّيْمَاءُ بِنْتُ الْحَارِثِ تَقُولُ: إنّي وَاَللهِ أُخْتُ صَاحِبِكُمْ! وَلَا يُصَدّقُوهَا، وَأَخَذَهَا طَائِفَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَكَانُوا أَشَدّ النّاسِ عَلَى هَوَازِنَ، حَتّى أَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا مُحَمّدُ، إنّي أُخْتُك! قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ فَأَرَتْهُ عَضّةً [وَقَالَتْ] : عَضَضْتَنِيهَا وَأَنَا مُتَوَرّكَتُك [ (٢) ] بِوَادِي السّرَرِ [ (٣) ] ، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ بِرِعَائِهِمْ، أَبُوك أَبِي وَأُمّك أُمّي، قَدْ نَازَعْتُك الثّدْيَ، وَتَذَكّرْ يَا رَسُولَ اللهِ ... [ (٤) ] فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَلَامَةَ، فَوَثَبَ قَائِمًا فَبَسَطَ رِدَاءَهُ، ثُمّ قَالَ: اجْلِسِي عَلَيْهِ!

وَرَحّبَ بِهَا، وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَسَأَلَهَا عَنْ أُمّهِ وَأَبِيهِ مِنْ الرّضَاعَةِ، فَأَخْبَرَتْهُ بِمَوْتِهِمَا فِي الزّمَانِ.

ثُمّ قَالَ: إنْ أَحْبَبْت فَأَقِيمِي عِنْدَنَا مُحَبّةً مُكَرّمَةً، وَإِنْ أحببت أن ترجعى


[ (١) ] فى الأصل: «الشماء بنت الحرث» ، وما أثبتناه عن البلاذري (أنساب الأشراف، ج ١، ص ٩٣) . وهكذا فى ابن إسحاق أيضا. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٠٠) .
[ (٢) ] متوركة، أى حاملته على وركها. (النهاية، ج ٤، ص ٢٠٦) .
[ (٣) ] فى الأصل: «وادي سور» ، وما أثبتناه عن ابن سعد. (الطبقات، ج ٢، ص ٦٩) .
والسرر على أربعة أميال من مكة. (معجم البلدان، ج ٥، ص ٦٨) .
[ (٤) ] جملة غامضة، شكلها فى الأصل: «حلالي لك غير أبيك إطلال» . ولم يظهر لها معنى فى نظرنا.