للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَغُلّ! وَجَعَلَ النّاسُ غَنَائِمَهُمْ فِي مَوْضِعٍ حَتّى اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا. وَكَانَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ دَخَلَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَسَيْفُهُ مُتَلَطّخٌ دَمًا، فَقَالَتْ: إنّي قَدْ عَلِمْت أَنّك قَدْ قَاتَلْت الْمُشْرِكِينَ، فَمَاذَا أَصَبْت مِنْ غَنَائِمِهِمْ؟ قَالَ: هَذِهِ الْإِبْرَةَ تَخِيطِينَ بِهَا ثِيَابَك، فَدَفَعَهَا إلَيْهَا، وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ. فَسَمِعَ مُنَادِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ الْمَغْنَمِ فَلْيَرُدّهُ. فَرَجَعَ عَقِيلٌ فَقَالَ: وَاَللهِ مَا أَرَى إبْرَتَك إلّا قَدْ ذَهَبَتْ. فَأَلْقَاهَا فِي الْغَنَائِمِ.

قَالَ: حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، أَنّ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيّ أَخَذَ يَوْمَئِذٍ قَوْسًا فَرَمَى عَلَيْهَا الْمُشْرِكِينَ، ثُمّ رَدّهَا فِي الْمَغْنَمِ. وَجَاءَ رَجُلٌ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُبّةِ [ (١) ] شَعْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اضْرِبْ بِهَذِهِ! أَيْ دَعْهَا [ (٢) ] لِي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمّا مَا كَانَ لِي وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ فَهُوَ لَك. وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْحَبْلُ وَجَدْته حَيْثُ انْهَزَمَ الْعَدُوّ فَأَشُدّ بِهِ عَلَى رَحْلِي؟ قَالَ: نَصِيبِي مِنْهُ لَك، وَكَيْفَ تَصْنَعُ بِأَنْصِبَاءِ الْمُسْلِمِينَ؟

قَالَ: فَحَدّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن عبد الله ابن الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى النّاسَ عَامَ حُنَيْنٍ فِي قَبَائِلِهِمْ يَدْعُو لَهُمْ، وَأَنّهُ نَزَلَ قَبِيلَةً مِنْ الْقَبَائِلِ وَجَدُوا فِي بَرْذَعَةِ [ (٣) ] .

رَجُلٍ مِنْهُمْ عِقْدًا مِنْ جَزَعٍ غُلُولًا، فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم


[ (١) ] كبة الغزل: ما جمع منه. (لسان العرب، ج ٢، ص ١٩٠) .
[ (٢) ] فى الأصل: «دعه لى» .
[ (٣) ] البرذعة: الحلس الذي يلقى تحت الرحل. (الصحاح، ص ١١٨٤) .