للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ، إنّهُ عُمّ [ (١) ] لَمْ يُؤْكَلْ ثَمَرُهُ. فَأَمَرَ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أَكَلُوا ثَمَرَهُ. قَالَ: فَجَعَلُوا يَقْطَعُونَ الْأَوّلَ فَالْأَوّلَ.

قَالَ: وَتَقَدّمَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ إلَى ثَقِيفٍ فَقَالَا:

أَمّنُوا حَتّى نَتَكَلّمَ. فَأَمّنُوهُمَا، فَدَعَوْا نِسَاءً مِنْ قُرَيْشٍ لِيَخْرُجْنَ إلَيْهِمَا- وَهُمْ يَخَافُونَ السّبَاءَ [ (٢) ]- مِنْهُمْ ابْنَةُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، كَانَتْ تَحْتَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ، دَاوُدُ بْنُ عُرْوَةَ، وَالْفِرَاسِيّةُ بِنْتُ سُوَيْدِ بْنِ عمرو بن ثعلبة- كانت عند قارب ابن الْأَسْوَدِ، لَهَا مِنْهُ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ قَارِبٍ- وَامْرَأَةٌ أُخْرَى. فَلَمّا أَبَيْنَ عَلَيْهِمَا قَالَ لَهُمَا بَنُو الْأَسْوَدِ بْنِ مَسْعُودٍ: يَا أَبَا سُفْيَانَ وَيَا مُغِيرَةُ، أَلَا نَدُلّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمّا جِئْتُمَا لَهُ! إنّ مَالَ بَنِي الْأَسْوَدِ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتُمَا- وَكَانَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الطّائِفِ نَازِلًا بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ الْعَمْقُ [ (٣) ]- لَيْسَ بِالطّائِفِ مَالٌ أَبْعَدُ رِشَاءً، ولا أشدّ مونة مِنْهُ، وَلَا أَبْعَدُ عِمَارَةً- وَإِنّ مُحَمّدًا إنْ قَطَعَهُ لَمْ يُعَمّرْ أَبَدًا، فَكَلّمَاهُ لِيَأْخُذْهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيَدَعْهُ لِلّهِ وَلِلرّحِمِ، فَإِنّ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ مِنْ الْقَرَابَةِ مَا لَا يَجْهَلُ. فَكَلّمَاهُ فَتَرَكَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكان رَجُلٌ يَقُومُ عَلَى الْحِصْنِ فَيَقُولُ: رُوحُوا رِعَاءَ الشّاءِ! رُوحُوا جَلَابِيبَ مُحَمّدٍ! رُوحُوا عَبِيدَ مُحَمّدٍ! أَتَرَوْنَا نَتَبَاءَسُ عَلَى أَحْبُلٍ [ (٤) ] أَصَبْتُمُوهَا مِنْ كُرُومِنَا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهُمّ، رَوّحْ مُرَوّحًا إلَى النّارِ!

قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ: فَأَهْوَى لَهُ بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فى نحره، وهوى من الحصن


[ (١) ] نخل عم: أى تام فى طوله. (النهاية، ج ٣، ص ١٢٩) .
[ (٢) ] فى الأصل: «النساء» ، وما أثبتناه عن الطبري، يروى عن الواقدي. (التاريخ، ص ١٦٧٢) .
[ (٣) ] العمق: واد من أودية الطائف. (معجم البلدان، ج ٦، ص ٢٢٣) .
[ (٤) ] أحبل: جمع حبلة، وهي الأصل أو القضيب من شجر الأعناب. (النهاية، ج ١، ص ١٩٨) .