للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَحَثّي الْجُنُودَ لِكَيْ يُدْلِجُوا ... إذَا هَجَعَ الْقَوْمُ لَمْ أَهْجَعِ

فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِي ... دِ [ (١) ] بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ

إلّا أَفَائِلَ [ (٢) ] أُعْطِيتهَا ... عَدِيدَ قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ

وَقَدْ كُنْت فِي الْحَرْبِ ذَا تُدْرَإٍ [ (٣) ] ... فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ

وَمَا كَانَ حِصْنٌ [ (٤) ] وَلَا حَابِسٌ ... يَفْوَقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ

وَمَا كُنْت دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا ... وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ

فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَبْيَاتَهُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبّاسِ: أَنْتَ الّذِي تَقُولُ «أَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعَبِيدِ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ» ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ:

بِأَبِي وَأُمّي يَا رَسُولَ اللَّه، لَيْسَ هَكَذَا! قَالَ، قَالَ: كَيْفَ؟ قَالَ: فَأَنْشَدَهُ أَبُو بَكْرٍ كَمَا قَالَ عَبّاسٌ، فَقَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَوَاءٌ، مَا يَضُرّك بَدَأْت بِالْأَقْرَعِ أَمْ عُيَيْنَةَ! فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: بِأَبِي أنت وأمّى، ما أنت بشاعر ولا رواية، وَلَا يَنْبَغِي لَك. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْطَعُوا لِسَانَهُ عَنّي. فَأَعْطُوهُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ.

وَيُقَالُ خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ، فَفَزِعَ مِنْهَا أُنَاسٌ، وَقَالُوا: أَمَرَ بِعَبّاسٍ يُمَثّلُ بِهِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيمَا أَعْطَى رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ النّاسَ.

فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللَّه بْنُ جَعْفَرٍ. عَنْ ابْنِ أبى عون، عن سعد، عن


[ (١) ] العبيد: فرس عباس بن مرداس. (شرح أبى ذر، ص ٤١٣) .
[ (٢) ] أفائل: جمع أفيل، وهي الصغار من الإبل. (شرح أبى ذر، ص ٤١٣) .
[ (٣) ] ذا تدرإ: أى ذا دفع، من قولك، درأه إذا دفعه. (شرح أبى ذر، ص ٤١٣) .
[ (٤) ] فى الأصل: «وما كان بدرا» وما أثبتناه عن ابن إسحاق. (السيرة النبوية، ج ٤، ص ١٣٧) . وعن ابن كثير يروى عن موسى ابن عقبة. (البداية والنهاية ج ٤، ص ٣٦٠) .