أَمّا أَنَا وَفَزَارَةُ فَلَا! وَقَالَ عَبّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السّلَمِيّ: أَمّا أَنَا وَبَنُو سُلَيْمٍ فَلَا! قَالَتْ بَنُو سُلَيْمٍ: مَا كَانَ لَنَا فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّه! فَقَالَ الْعَبّاسُ:
وَهّنْتُمُونِي [ (١) ] ! ثُمّ قَامَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الناس خطيبا فقال: إنّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ جَاءُوا مُسْلِمِينَ، وَقَدْ كُنْت اسْتَأْنَيْت بِهِمْ فَخَيّرْتهمْ بَيْنَ النّسَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْأَمْوَالِ، فَلَمْ يَعْدِلُوا بِالنّسَاءِ وَالْأَبْنَاءِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنّ شَيْءٌ فَطَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يَرُدّهُ فَلْيُرْسِلْ، وَمَنْ أَبَى مِنْكُمْ وَتَمَسّكَ بِحَقّهِ فَلْيَرُدّ عَلَيْهِمْ، وَلْيَكُنْ فَرْضًا عَلَيْنَا سِتّ فَرَائِضَ مِنْ أَوّلِ مَا يَفِيءُ اللَّه بِهِ عَلَيْنَا! قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه، رَضِينَا وَسَلّمْنَا! قَالَ: فَمُرُوا عُرَفَاءَكُمْ أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إلَيْنَا حَتّى نَعْلَمَ.
فَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَطُوفُ عَلَى الْأَنْصَارِ يَسْأَلُهُمْ: هَلْ سَلّمُوا وَرَضُوا؟ فَخَبّرُوهُ أَنّهُمْ سَلّمُوا وَرَضُوا، وَلَمْ يَتَخَلّفْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَبَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ إلَى الْمُهَاجِرِينَ يَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَتَخَلّفْ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. وَكَانَ أَبُو رُهْمٍ الْغِفَارِيّ يَطُوفُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، ثُمّ جَمَعُوا الْعُرَفَاءَ، وَاجْتَمَعَ الْأُمَنَاءُ الّذِينَ أَرْسَلَهُمْ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاتّفَقُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، تَسْلِيمِهِمْ وَرِضَاهُمْ، وَدَفَعَ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ السّبْيِ. فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ الّتِي عِنْدَ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَدْ خُيّرَتْ تُقِيمُ أَوْ تَرْجِعُ إلَى قَوْمِهَا، فَاخْتَارَتْ قَوْمَهَا فَرُدّتْ إلَيْهِمْ. وَاَلّتِي عِنْدَ عَلِيّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ وَابْنِ عُمَرَ، رَجَعْنَ إلَى قَوْمِهِنّ. وَأَمّا الّتِي عِنْدَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ فَاخْتَارَتْ سَعْدًا وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ.
وَكَانَ عُيَيْنَةُ قَدْ خَيّرُوهُ فِي السّبْيِ فَأَخَذَ رَأْسًا مِنْهُمْ، نَظَرَ إلَى عَجُوزٍ كَبِيرَةٍ فَقَالَ: هَذِهِ أُمّ الْحَيّ! لَعَلّهُمْ أَنْ يُغْلُوا بِفِدَائِهَا. فإنّه عسى أن
[ (١) ] فى الأصل: «وهبتمونى» ، ووهنتمونى: أى أضعفتمونى. (الصحاح، ص ٢٢١٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute