للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَا عُيَيْنَةُ، إنّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَسَا السّبْيَ فَأَخْطَأَهَا مِنْ بَيْنِهِمْ بِالْكُسْوَةِ، فَمَا أَنْتَ كَاسِيهَا ثَوْبًا؟ قَالَ: لَا واللَّه، مَا ذَلِكَ لَهَا عِنْدِي! قَالَ: لَا تَفْعَلْ! فَمَا فَارَقَهُ حَتّى أَخَذَ مِنْهُ شَمْلَ ثَوْبٍ، ثُمّ وَلّى الْفَتَى وَهُوَ يَقُولُ: إنّك لَغَيْرُ بَصِيرٍ بِالْفُرَصِ! وَشَكَا عُيَيْنَةُ إلَى الْأَقْرَعِ مَا لَقِيَ، فَقَالَ الْأَقْرَعُ: إنّك واللَّه مَا أَخَذْتهَا بِكْرًا غَرِيرَةً [ (١) ] ، وَلَا نَصَفًا [ (٢) ] وَثِيرَةً [ (٣) ] ، وَلَا عَجُوزًا أَصِيلَةً، عَمَدْت إلَى أَحْوَجِ شَيْخٍ فِي هَوَازِنَ فَسَبَيْت امْرَأَتَهُ. قَالَ عُيَيْنَةُ: هُوَ ذاك.

وتمسك بَنُو تَمِيمٍ مَعَ الْأَقْرَعِ بِالسّبْيِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفِدَاءَ سِتّ فَرَائِضَ، ثَلَاثَ حِقَاقٍ [ (٤) ] وَثَلَاثَ جِذَاعٍ [ (٥) ] .

وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْعَرَبِ وَلَاءٌ أَوْ رِقّ لَثَبَتَ الْيَوْمَ، وَلَكِنْ إنّمَا هُوَ إسَارٌ وَفِدْيَةٌ. وَكَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيّ عَلَى مَقَاسِمِ الْمَغْنَمِ.

وقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِلْوَفْدِ: مَا فَعَلَ مَالِكٌ [ (٦) ] ؟ قَالُوا:

يَا رَسُولَ اللَّه، هَرَبَ فَلَحِقَ بِحِصْنِ الطّائِفِ مَعَ ثَقِيفٍ. قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَخْبِرُوهُ أَنّهُ إنْ كَانَ يَأْتِي مُسْلِمًا رَدَدْت عَلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْته مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ. وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أمر


[ (١) ] الغرية: المتوسطة من النساء فى السن. (شرح أبى ذر، ص ٤١٢) .
[ (٢) ] النصف: المرأة بين الحدثة والمسنة. (الصحاح، ص ١٤٣٢) .
[ (٣) ] وثيرة: أى كثيرة اللحم. (الصحاح، ص ٨٤٤) .
[ (٤) ] الحقاق: جمع الحق، والحق من الإبل الداخلة فى السنة الرابعة. (القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٢١) .
[ (٥) ] الجذاع: جمع الجذع، وهو من الإبل ما دخل فى السنة الخامسة. (النهاية، ج ١، ص ١٥٠) .
[ (٦) ] أى مالك بن عوف