للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار. ويقول للذين كانوا يعبدونه رياء وسمعة: [بعزتي وجلالي ومكاني ما أردتم بعبادتي؟ فيقولون: بعزتك وجلالك ومكانك: رياء وسمعة] (١) قال: فإني لم أقبل من ذلك شيئًا، اذهبوا بهم إلى النار. ويقول للذين كانوا يعبدونه لوجهه وداره: بعزتي وجلالي ومكاني ما أردتم بعبادتي؟ فيقولون: بعزتك وجلالك ومكانك: وجهك ودارك (٢). فيقول: صدقتم اذهبوا بهم إلى الجنة" (٣).

هذا حديث غني عن الإسناد، والقرآن والسنة شاهدان بصدقه، ويدل على صحة هذا القول في الآية قوله تعالى: ﴿نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا﴾ [هود: ١٥]، فدلّ على أنها في قوم لهم أعمال لم يريدوا بها وجه اللَّه، وإنما أرادوا بها الدنيا ولها عملوا، فوفّاهم اللَّه ثواب أعمالهم فيها من غير بخس، فأفضوا إلى الآخرة بغير عمل يستحقون عليه الثواب. وهذا لا يقع ممن يؤمن بالآخرة إلا كما يقع منه كبائر الأعمال وقوعًا عارضًا يتوب منه ويراجع التوحيد.

قال ابن الأنباري (٤): فعلى هذا القول المعنى: قومٌ من أهل الإسلام يعملون العمل الحسن لتستقيم لهم الدنيا، غير مفكرين في الآخرة وما ينقلبون إليه، فهؤلاء يعجّل لهم جزاء حسناتهم في الدنيا، فإذا جاءت


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الثلاث الأخرى.
(٣) "ذم الدنيا" لابن أبي الدنيا رقم (٤١٣). ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" رقم (٦٨٠٨).
(٤) هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار البغدادي الحافظ الأديب النحوي اللغوي، توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، من تصانيفه: كتاب المشكل في معاني القرآن. انظر: "تاريخ بغداد": (٣/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>