للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الرابع في الفرق بين الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة (١)

الفرق بين هذه الأسماء بحسب حال العبد في نفسه وحاله مع غيره، فإن حبس نفسه ومنعها عن إجابة داعي ما لا يحسن؛ إن كان خُلُقا ومَلَكَة سمي صبرًا. وإن كان بتكلُّف وتمرُّن وتجرُّع لمرارته سمي تصبُّرًا، كما يدل عليه هذا البناء لغة، فإنه موضوع للتكلُّف؛ كالتحلُّم، والتشجُّع، والتكرُّم، والتحمُّل ونحوها.

وإذا تكلفه العبد واستدعاه صار سجية له؛ كما في الحديث عن النبي أنه قال: "ومن يَتَصَبّر يُصَبّره اللَّه" (٢).

وكذلك العبد يتكلف التعفف حتى يصير العَفَافُ له سجية، وكذلك سائر الأخلاق.

وهي مسألة اختلف الناس فيها هل يمكن اكتساب الأخلاق أم لا يمكن اكتسابها؟

فقالت طائفة: الخُلق كالخَلْقِ الظاهر لا يمكن اكتساب (٣) واحد منهما والتخلُّق لا يصير خُلُقًا أبدًا؛ كما قال الشاعر:


(١) وانظر في الفرق بين الصبر والتصبر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٤/ ٥٩).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (١٤٦٩)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٠٥٣) عن أبي سعيد الخدري .
(٣) من قوله: "الأخلاق أم لا يمكن اكتسابها" في الفقرة السابقة، إلى هنا ساقط من النسخ الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>