للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالطريق فيه تقوية من أردنا أن تكون الغلبة له وتضعيف الآخر، كالحال مع القوة والمرض سواء.

فإذا قوي باعث شهوة الوقاع المحرم وغلب بحيث لا يملك معها فرجه، أو يملكه ولكن لا يملك طرْفَه، أو يملكه ولكن لا يملك قلْبَه، بل لا يزال يحدثه بما هناك ويَعدُه ويُمنّيه ويصرفه عن حقائق الذكر والتفكر فيما ينفعه في دنياه وآخرته = فإذا عزم على التداوي ومقاومة هذا الداء فليضعفه أولًا بأمور:

أحدها: أن ينظر إلى مادة قوة الشهوة فيجدها من الأغذية المحركة للشهوة إما بنوعها وإما بكمّيتها وكثرتها، فليحسم هذه المادة بتقليلها، فإن لم تنحسم فليبادر إلى الصوم فإنه يُضيّق مجاري الشهوة ويكسر حذتها (١)، ولا سيّما إذا كان أكلُه وقت الفطر معتدلًا.

الثاني: أن يجتنب محرّك الطلب وهو النظر، فليغضّ لجام طرْفِه ما أمكنه، فإن داعي الإرادة والشهوة إنما يهيج بالنظر، والنظر يحرك القلب بالشهوة (٢).

وفي "المسند" عنه : "النظر سَهْمٌ مسمومٌ من سهامِ إبليس" (٣)،


(١) كما أخرج البخاري في "صحيحه" رقم (١٩٠٥)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٤٠٠) من حديث عبد اللَّه بن مسعود قال: قال رسول اللَّه : "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
(٢) هذه الكلمة ساقطة من الأصل، واستدركتها من النسخ الأخرى.
(٣) الذي في "مسند" أحمد (٥/ ٢٦٤) عن أبي أمامة عن النبي قال: "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أول مرة ثم يغض بصره، إلا أحدث =

<<  <  ج: ص:  >  >>