للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالو: ولذلك كان باب قربان النهي مسدودًا كله، وباب الأمر إنما يُفعل منه المستطاع، كما قال النبي "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" (١)، فدل على أن باب المنهيات أضيق من باب المأمورات، وأنه لم يرخص في ارتكاب شيء منه كما رخّص في ترك بعض المأمور للعجز والعذر.

قالوا: ولهذا كانت عامة العقوبات من الحدود وغيرها على ارتكاب المنهيات، بخلاف ترك المأمور فإن اللَّه سبحانه لم يُرتب عليه حدًّا معينًا. قالوا: وأعظم المأمورات الصلاة وقد اختلف هل عليه حدٌّ أم لا؟ (٢)

فصل

فهذا بعض ما احتجت به هذه الطائفة.

وقالت طائفة أخرى: بل الصبر على فعل المأمور أفضل وأجلّ من الصبر على المحظور، وأن فعل المأمور أحب إلى اللَّه من ترك المحظور، والصبر على أحب الأمرين إليه أفضل وأعلى، وبيان ذلك من


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (٧٢٨٨)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة .
ولفظ البخاري: "فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم". ولفظ مسلم: "فإذا أمرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".
(٢) فمذهب الجمهور على أن تارك الصلاة يقتل إما حدًّا وإما كفرًا. ومذهب الحنفية أن تارك الصلاة لا يُقتل بل يحبس ويضرب.
انظر: "البحر الرائق" (٢/ ٩٧)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٤/ ٢٣٠ - ٢٣١)، و"التهذيب" للشيرازي (١/ ٥١)، و"المغني" لابن قدامة (٣/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>