للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الرابع والعشرون في ذكر ما احتجت به الأغنياء من الكتاب والسنة والآثار والاعتبار]

قالت الأغنياء: لقد أجلبتم علينا أيها الفقراء بخيل الأدلّة ورجلها، ونحن نعلم أن عندكم مثلها وأكثر من مثلها، ولكن توسطتم بين التطويل والاختصار، وظننتم أنها حكمت لكم بالفضل دون ذوي اليسار، ونحن نحاكم إلى ما حاكمتمونا إليه، ونعرض بضاعتنا على من عرضتم بضاعتكم عليه، ونضع أدلّتنا وأدلّتكم في ميزان الشرع والعقل الذي لا يعول، فحينئذ يتبين لنا ولكم الفاضل من المفضول.

ولكن أخرجوا من بيننا من تشبّه بالفقراء الصادقين الصابرين، ولبس لباسهم على قلب أحرص الناس على الدنيا وأشحّهم عليها وأبعدهم من الفقر والصبر، من كل مظهر للفقر مبطن للحرص غافل عن ربه متبع لهواه مفرّط في أمر معاده، قد جعل زيّ الفقر صناعة (١)، أو فقيرِ جائحة (٢)، فقرُه اضطرار لا اختيار، فزهده زهد إفلاس لا زهد رغبة في اللَّه والدار الآخرة، أو فقيرٍ (٣) يشكو ربه بلسان قاله وحاله غير راض عن ربه في فقره، بل إن أُعطي رضي وإن منع سخط، شديد اللهف على الدنيا والحسرة عليها، وهو أفقر الناس [منها، فهو أرغب شيء] (٤)


(١) بعد هذه الكلمة في (م) و (ن): "والتحلي بما هو أبعد الناس منه بضاعته". وفى (ب): "وتحلى بما هو أبعد الناس منه بضاعة".
(٢) في (ب) و (ن): "حاجة". والأمر محتمل.
(٣) في الأصل: فقيرا. والمثبت من النسخ الثلاث الأخرى.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدركته من النسخ الثلاث الأخرى، إلا أنه في نسخة (ب): [فيها، فهو أرغب شيء].

<<  <  ج: ص:  >  >>