للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبر عن المحظور، أم الصبر على المقدور؟.

قيل: الصبر المتعلق بالتكليف -وهو: الأمر والنهي- أفضل من الصبر على مجرد القدر؛ فإن هذا الصبر يأتي به البَرِّ والفاجر، والمؤمن والكافر، فلا بد لكل أحد من الصبر على القدر اختيارًا أو اضطرارًا، وأما الصبر على الأوامر والنواهي فصبر أتباع الرسل، وأعظمهم اتباعًا أصبرهم في ذلك.

وكل صبر في محله وموضعه أفضل؛ فالصبر عن الحرام في محله أفضل، والصبر على الطاعة في محلها أفضل.

فإن قيل: فأي الصبرين أحب إلى اللَّه: صبر من يصبر على أوامره، أم صبر من يصبر عن محارمه؟

قيل: هذا موضع تنازع فيه الناس (١):

فقالت طائفة: الصبر عن المخالفات أفضل؛ لأنه أشق وأصعب، فإن أعمال البِرّ يفعلها البَرّ والفاجر، ولا يصبر عن المخالفات إلا الصديقون (٢).

قالوا: وإن الصبر عن المحرمات صبر على مخالفة هوى النفس،


(١) صوب المصنف في "مدارج السالكين" (٢/ ١٦٥ - ١٦٦) أن الصبر على فعل الطاعة فوق الصبر على ترك المعصية، معللًا ذلك بأن ترك المعصية إنما كان لتكميل الطاعة، وأن النهي مقصود للأمر.
وصوب شيخ الإِسلام كما في "مجموع الفتاوى" (١١/ ٦٧١) أن جنس ترك الواجبات أعظم من جنس فعل المحرمات.
(٢) ممن ذهب إلى هذا: الإِمام أبو حاتم محمد بن حبان البستي في كتابه "روضة العقلاء" ص ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>