للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الحادي والعشرون في الحكم بين الفريقين، والفصل بين الطائفتين]

فنقول: كل أمرين طُلبت الموازنة بينهما ومعرفة الراجح منهما على المرجوح، فإن ذلك لا يمكن إلا بعد معرفة كل واحد منهما، وقد ذكرنا حقيقة الصبر وأقسامه وأنواعه، فنذكر حقيقة الشكر وماهيته.

قال في "الصحاح": الشكر الثناء على المحسن بما أولاكه من المعروف، يقال: شكرته، وشكرت له. واللام أفصح.

وقوله تعالى: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)[الإنسان: ٩] يحتمل أن يكون مصدرًا كالقعود، وأن يكون جمعًا كالبرود والكفور.

والشكران خلاف الكفران، وتشكّرت له: مثل شكرت له. والشَّكُورُ من الدوابّ: ما يكفيه العلف القليل. واشتكرت السماء: اشتد وقع مطرها. واشتكر الضرع: امتلأ لبنًا، تقول منه: شكِرت الناقة بالكسر تشكَر شكرًا فهي شكِرة، وشكِرت الشجرة تشكَر شكَرًا إذا خرج منها الشّكير، وهو ما ينبت حول الشجرة من أصلها (١).

فتأمل هذا الاشتقاق وطابق بينه وبين الشكر المأمور به، وبين الشكر الذي هو جزاء الرب الشكور، كيف تجد في الجميع معنى الزيادة والنماء.

ويقال أيضًا: دابة شكور، إذا أظهرت من السّمن فوق ما تعطى من العلف (٢).


(١) "الصحاح" للجوهري (٢/ ٧٠٢ - ٧٠٣).
(٢) "الرسالة القشيرية" (٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>