للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما لا يجوز عليه، والجهل برسالة رسوله كإلقاء المصحف في القاذورات والتلفّظ بكلمات دالة على ذلك كسبّ الرسول والاستخفاف فهو كفر، ومنها ما لا يدلّ على ذلك وهو قسمان: قسم يخرج منه مرتكبه إلى منزلة بين المنزلتين بمعنى لا يحكم على صاحبها بالكفر ولا بالإيمان ويعبّر عن تلك المعاصي بالكبائر كقتل العمد، وقسم لا يخرج منه مرتكبه إليها ككشف العورة والسّفه ويسمّى بالصغائر، وعلى هذا فقس الحال في الطوائف الباقية.

التقسيم:

في شرح المقاصد أنّ الكافر إن أظهر الإيمان فهو المنافق وإن أظهر كفره بعد الإيمان فهو المرتدّ، وإن قال بالشريك في الألوهية فهو المشرك، وإن تديّن ببعض الأديان والكتب المنسوخة فهو الكتابي، وإن ذهب إلى قدم الدهر واستناد الحوادث إليه فهو الدّهري، وإن كان لا يثبت الباري فهو المعطّل، وإن كان مع اعترافه بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ينطق بعقائد هي كفر بالاتفاق فهو الزنديق، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في بحث أنّ الله تعالى لا يغفر أن يشرك به شيئا.

وفي شرح المواقف اعلم أنّ الإنسان إمّا معترف بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو لا، والثاني إمّا معترف بالنبوة في الجملة كاليهود والنصارى والمجوس وإمّا غير معترف بها أصلا، وهو إمّا معترف بالقادر المختار وهم البراهمة أولا، وهم الدهرية على اختلاف أصنافهم. ثم إنكارهم لنبوته صلى الله عليه وآله وسلم إمّا من عناد وعذابه مخلّد إجماعا أو عن اجتهاد بلا تقصير. فالجاحظ والغبري «١» على أنّه معذور وعذابه غير مخلّد، وهذا مخالف لإجماع من قبلهما فلا يعبأ به. والمعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إمّا مخطئ في أصل من الأصول الدينية وقد اختلف فيه.

فجمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يكفر أحد من أهل القبلة، والمعتزلة الذين قبل أبي الحسين تجامعوا فكفّروا الأصحاب في أمور فعارضه بعضنا بالمثل فكفّرهم في أمور أخرى.

وقد كفّر المجسّمة مخالفوهم من الأشاعرة والمعتزلة. وقال الاستاذ أبو إسحاق إذا وجد مخالف يكفّرنا فنحن نكفّره وإلّا فلا. أو لا يكون مخطئا في الأصول الدينية وهو إمّا أن يكون اعتقاده عن برهان وهو ناج باتفاق أو عن تقليد وقد اختلف فيه، فالأكثرون على أنّه ناج لأنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكم بإسلام من لم يعلم منه ذلك، وقيل بعدم نجاته انتهى كلامه. والكفر عند الصوفية يأتي بمعنى الإيمان الحقيقي، ويقولون لعالم التّفرقة: كفر الظلمة كما في بعض الرسائل.

ويقول في كشف اللغات: الكفر في اصطلاح الصوفية: غطاء الكثرة في الوحدة، أي إفناء التعيّنات والكثرات للموجودات في بحر الأحدية بل إنّه يمحو ذاته في الذات الإلهية، فيبقى ببقاء الحقّ تعالى حتى يصير عين الوحدة.

وقد اقتصر عبد الرزاق الكاشي على هذه العبارة في اصطلاحه بأنّ: الكفر من مقتضيات أسماء الجلال. وقال في كشف اللغات: الكفر الحقيقي عبارة عن الفناء، وقال أيضا: الكافر في اصطلاح الصوفية هو ذاك الذي ما تجاوز مرتبة الصفات والأسماء والأفعال وهو يستر


(١) العبهري ورد سابقا.