للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الورع الكفّ عن كلّ الإباحات. وقيل الورع خلاصة أحوال المتّقين وفضيلتها قال النبي عليه السلام: (الورع الذي يدع الصغيرة مخافة أن يقع في الكبيرة) «١». قال يحيى «٢»: الورع على وجهين: في الظاهر وهو أن لا يتحرّك لسانك إلّا بالله وفي الباطن وهو أن لا يدخل فيك سوى الله. وقال عبد الله «٣»: الورع تصفية القلوب وحفظ اللسان وترك ما لا يعنيك من الأمور. وفي البرجندي للورع مراتب أدناها الاجتناب عمّا نهى الله تعالى عنه، وأعلاها الاجتناب عمّا يشغله عن ذكر الله. وقد يفرّق بينه وبين الزهد بأنّ الورع ترك الشبهات والزهد ترك ما زاد على الحاجة انتهى. وفي مجمع السلوك جاء أيضا: اعلم بأنّ صاحب الورع إن كان صاحب قلب فإنّه يستفتي قلبه في ترك الأمور المشتبهة، ولا يعمل بفتوى المفتين، وإن لم يكن من أصحاب القلوب فإنّه يعمل بفتوى المفتين وذلك هو ورعه. واعلم بأنّ الورع ومعناه ترك المحظور أن ينقسم إلى أربعة أقسام: ورع العدول، وورع الصالحين، وورع المتقين، وورع الصدّيقين. والالتزام به باعتبار حال ومقام كلّ شخص، فترك المحظور بنسبة كلّ شخص هو الورع.

فورع العدول: هو اجتناب الأشياء التي يفتي بتحريمها ومرتكبها ساقط العدالة ويعدّ عاصيا.

وورع الصالحين: هو اجتناب ما يحتمل كونه حراما، ولكنّ المفتي قد يفتي بناء على الظاهر بحلّه ويرخّص بأكله. ولكنّ الامتناع عمّا لا يوجد فيه احتمال الحرمة فهو من قبيل الوسوسة لا الورع. ومثال الأمر المشتبه كصيد يصيبه أحدهم ولكنّه لا يهتدي إليه، ثم يعثر عليه شخص آخر. فالاختيار أنّه ليس بحرام ولكنّ ترك ذلك هو من الورع لمقام الصالحين. لماذا؟

لأنّه يحتمل موته بسبب السقوط أو علّة أخرى وليس بسبب الإصابة. ومثال الوسوسة: هو أن يجتنب أحدهم الصيد لاحتمال أن يكون الصيد مملوكا لإنسان.

وأمّا ورع الأتقياء: فهو اجتناب ما لا حرمة فيه ولا شبهة في حلّه، لكن يخشى أن يؤدّي به إلى الحرام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما لا بأس به مخافة ما به بأس). كما فعل أحد الأتقياء في تجارته فكان لا يأخذ حقّه إلّا بأنقص منه بحبة وكان يعطي الحقّ بزيادة حبّة حتى يقاوم الحرص في نفسه.

وورع الصدّيقين هو اجتناب كلّ ما ليس بحرام وغير مشتبه وما لا يؤدّي إلى حرام.

ولكن يجتنب كلّ ما كان ليس لله وليس فيه نية القوة على الطاعة. انتهى. وقد سبق ما يتعلّق بهذا في لفظ الحلال «٤».


(١) الديلمي، الفردوس بمأثور الخطاب، ح ٧٢٧٢، ٤/ ٤٣٧.
(٢) ربما يكون يحيى بن حبش بن اميرك السهروردي المعروف بالشيخ المقتول وقد تقدمت ترجمته.
(٣) هو الإمام عبد الله به المبارك التميمي، وقد تقدمت ترجمته.
(٤) مجمع السلوك أيضا بدان كه صاحب ورع اگر صاحب دل است پس در ترك مشتبهات فتوى از دل خود جويد وبه فتواى مفتيان كار نكند واگر صاحب دل نيست به فتواى مفتيان رود كه ورع او همانست بدان كه ورع بمعنى ترك المحظورات چهار قسم است ورع عدول وورع صلحا وورع متقيان وورع صديقان كه گردن ان باعتبار حال ومقام هركس محظور است لا جرم ترك ان ورع باشد ورع عدول آنست كه بازماند از چيزى كه در فتوى حرام است ومسقط عدالت وموجب عصيان وورع صلحا آنست كه بازماند از آنچهـ احتمال تحريم بر ان راه يابد وليكن مفتي بر ظاهر بنا كند وبخوردن ان رخصتي دهد ليكن بازماندن از آنچهـ احتمال تحريم درو نيست از قبيل وسوسه است نه از قبيل ورع مثال شبهه آنكه صيدي را يكى زخم كند واز نظر صياد غائب شود پس آن را شخصي مرده يابد اختيار آنست كه ان حرام نيست ليكن گذاشتن ان ورع صلحا است چرا كه احتمال دارد كه به افتادن يا سببي ديگر مرده باشد نه به زخم ومثال وسوسه آنكه كسى از شكار بازماند از بيم آنكه شكاري از-