للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المختصة بالمعادن والنباتات والحيوانات، وذلك لأن المبحوث عنه في العلم الطبعي «١» أن الجسم إمّا ذو طبيعة أو ذو نفس، آلي أو غير آلي، وهي من عوارضه الذاتية، والبحث عن الأحوال المختصّة بالعناصر وبالمركّبات التامة وغير التامة، كلّها تفصيل لهذه العوارض وقيود لها.

ولاستصعاب هذا الإشكال قيل: المراد بالبحث عن الأعراض الذاتية حملها على موضوع العلم، كقول صاحب علم أصول الفقه: الكتاب يثبت الحكم قطعا، أو على أنواعه كقوله: الأمر يفيد الوجوب، أو على أعراضه الذاتية كقوله: يفيد القطع، أو على أنواع أعراضه الذاتية كقوله: العام الذي خصّ منه يفيد الظنّ. وقيل معنى قولهم: يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أنه يرجع البحث فيه إليها، بأن يثبت أعراضه الذاتية له أو يثبت لنوعه ما هو عرض ذاتي لذلك النوع أو لعرضه الذاتي ما هو عرض ذاتي لذلك العرض او يثبت لنوع العرضي الذاتي ما هو عرض ذاتي لذلك النوع. ولا يخفى عليك أنه يلزم دخول العلم الجزئي في العلم الكلّي كعلم الكرة المتحرّكة في علم الكرة وعلم الكرة في العلم الطبعي «٢»، لأنه يبحث فيها عن العوارض الذاتية لنوع الكرة أو الجسم الطبعي «٣»، أو لعرضه الذاتي، أو لنوع عرضه الذاتي.

ثم اعلم أنّ هذا الذي ذكر من تفسير الأحوال الذاتية إنّما هو على رأي المتأخرين الذاهبين إلى أنّ اللاحق للشيء بواسطة جزئه الأعم من أعراضه الذاتية المبحوث عنها في العلم، فإنّهم ذكروا أنّ العرض هو المحمول على الشيء الخارج عنه، وان العرض الذاتي هو الخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته، بأن يكون منتهاه الذات كلحوق إدراك الأمور الغريبة للإنسان بالقوة، أو يلحقه بواسطة جزئه الأعم كلحوق التحيّز له لكونه جسما، أو المساوي كلحوق التكلّم له لكونه ناطقا، أو يلحقه بواسطة أمر خارج مساو كلحوق التعجّب له لإدراكه الأمور المستغربة؛ وأما ما يلحق الشيء بواسطة أمر خارج أخصّ أو أعم مطلقا أو من وجه أو بواسطة أمر مباين فلا يسمّى عرضا ذاتيا بل عرضا غريبا.

والتفصيل أنّ العوارض ستة: لأن ما يعرض للشيء إمّا أن يكون عروضه لذاته أو لجزئه أو لأمر خارج عنه سواء كان مساويا له أو أعمّ منه أو أخصّ أو مباينا، فالثلاثة الأول تسمّى أعراضا ذاتية لاستنادها إلى ذات المعروض أي لنسبتها إلى الذات نسبة قوية وهي كونها لا حقة بلا واسطة أو بواسطة لها خصوصية بالتقديم أو بالمساواة، والبواقي تسمّى أعراضا غريبة لعدم انتسابها إلى الذات نسبة قوية. أمّا المتقدمون فقد ذهبوا إلى أن اللاحق بواسطة الجزء الأعم من الأعراض الغريبة التي لا يبحث عنها في ذلك العلم، وعرّفوا العرض الذاتي بالخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته أو لما يساويه، سواء كان جزءا لها أو خارجا عنها.

قيل هذا هو الأولى إذ الأعراض اللاحقة بواسطة الجزء الأعم تعمّ الموضوع وغيره، فلا تكون آثارا مطلوبة له لأنها هي الأعراض المعيّنة المخصوصة التي تعرضه بسبب استعداده المختص، ثم في عدّ العارض بواسطة المباين مطلقا من الأعراض الغريبة نظر، إذ قد يبحث في العلم الذي موضوعه


(١) الطبيعي (م).
(٢) الطبيعي (م).
(٣) الطبيعي (م).