"ثم في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": يعني ثم يؤمنون بما جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما وصف الله به نفسه على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
العطف هنا لا شك أنه يقتضي الترتيب، والترتيب عند أهل العلم بالنسبة للمصادر -مصادر التلقي- عند أهل السنة الكتاب بالدرجة الأولى ثم السنة بعده، وهذا من جهة باعتبار شرف الكلام، لا شك أن منزلة السنة بالنسبة لشرف الكلام منزلتها متراخية عن منزلة الكتاب، بمعنى أن الكتاب لفظه متعبدٌ به، تلاوته عبادة، لكن شخص يقرأ في السنة لا للعمل ولا للعلم إنما يقرأ كما يقرأ في أي كتاب عادي لا ينوي بذلك العلم ولا العمل يؤجر وإلا ما يؤجر؟ لا يؤجر، لأنها غير متعبد بتلاوتها، بخلاف القرآن، فمن حيث الشرف -شرف الكلام- ومن حيث شرف النسبة إلى المتكلم مرتبة السنة متراخية عن مرتبة القرآن، وإلا فالأصل أن الكل من عند الله، وما ثبت في السنة حكمه كما ثبت بالقرآن، فالسنة مصدر مستقل من مصادر التشريع، ومصدر من مصادر التلقي عند أهل السنة يثبتون ما تفيده السنة كما يثبتون كما يفيده القرآن على حد سواء.
نعم في كلامهم ما يدل على أن القرآن مرتبته أعلى، ولذا يقولون: آحاد السنة أو السنة عموماً يطلقون يقولون: السنة لا تنسخ القرآن، كيف لا تنسخ القرآن وهي وحيٌ يوحى من عند الله -جل وعلا؟
يقولون: الله -جل وعلا- يقول:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(١٠٦) سورة البقرة] إذاً لا بد أن نأتي بخيرٍ منها، ولن يكون الحديث خير من القرآن، ولن يكون مثله، وإنما نأتي بخيرٍ منها من كلامنا أو مثلها، فهذا يستدلون به على أن السنة لا تنسخ القرآن، وجمعٌ من أهل التحقيق يقولون: الكل من عند الله، والرسول -عليه الصلاة والسلام- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، فالسنة بما في ذلك آحادها تنسخ القرآن، لكن يعوز ذكر المثال السالم عن المعارض، يعوز في مثل هذا المثال السالم عن المعارض، يمثلون بحديث عبادة بن الصامت:((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)).