وقوله:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [(٤٠) سورة التوبة] الآيات السابقة في المعية العامة، في قوله -جل وعلا-: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي بكر لما كانا في الغار، وقف المشركون على فم الغار، ولو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرهم، أبو بكر -رضي الله عنه- داخله ما يداخل سائر البشر مما جبلوا عليه من خوف العدو، فخاف أبو بكر وحزن، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} فأعماهم الله -جل وعلا- عن نظر ما هو بإزاء أقدامهم، ولو نظروا لأبصروا.
في كتب السير يذكرون أشياء أن العنكبوت نسجت على فم الغار، والحمام أيضاً جمع عشه عليه، فهذا السبب في كونهم لم يروا، وهل هذا أبلغ أو كونه مكشوف بحيث يراه من رزق هذه النعمة نعمة البصر؟ أيهما أبلغ في الحياطة والحماية والنصر والتأييد؟ كونه مكشوف أبلغ، وعلى كل حال ما ذكر في هذه السير لا يثبت بسند صحيح.
قوله:{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} هنا معية النصر والتأييد والحفظ، التي هي المعية الخاصة، وقوله جل وعلا:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [(٤٦) سورة طه] وهذا لموسى وهارون لما خافا من فرعون أن يبطشا بهما، قال الله -جل وعلا- مطمئناً لهما:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} ومقتضى هذه المعية ومقتضى هذا السمع وهذا البصر الحفظ والتأييد والنصر، وعدم تمكين العدو منهما {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} وهذه معية خاصة. الأولى خاصة بمحمد -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر، والثانية خاصة بموسى وهارون.