وقوله -جل وعلا-: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [(٢٤٩) سورة البقرة] هذه أيضاً معية خاصة، لكنها مقترنة بوصف، الأولى والثانية مقترنة بأشخاص، الأولى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر، والثانية بموسى وهارون، والثالثة مقترنة ... قبل ذلك:{إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [(١٢٨) سورة النحل] هذه مقترنة بوصف التقوى ووصف الإحسان، وهذه أيضاً معية خاصة، فعلى المسلم إذا أراد أن يكون له نصيب من هذه المعية الخاصة معية الحفظ والنصر والتأييد أن يتصف بالوصف الذي رتبت عليه هذه المعية وهي التقوى والإحسان, والتقوى فعل المأمورات، واجتناب المحظورات، والإحسان له صور: منها: إحسان الإنسان في معاملته لربه -جل وعلا- بأن يعبده كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه, وأيضاً: إحسان للإنسان مع نفسه، إحسان الإنسان مع الخلق، وقد أمرنا بالإحسان في كل شيء، وقد كتب علينا الإحسان في كل شيء ((فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة)).
وقوله:{وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} وهذه أيضاً معية خاصة لمن اتصف بهذا الوصف، وهو الصبر، فعلى المسلم أن يأخذ النصيب الوافر من الصبر سواءٌ كان الصبر على طاعة الله، أو عن معصية الله، أو الصبر على أقداره، فإذا صبر الصبر بكافة ما تقتضيه هذه الكلمة حصل له من هذه المعية نصيباً وافراً.
وقوله -جل وعلا-: {وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} هذه من المعية الخاصة التي مقتضاها الحفظ والنصر والتأييد لمن اتصف بهذا الوصف، وامتثل هذا الأمر، اصبروا بجميع أنواع الصبر {إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.