فنفي الرؤيا من قبله -عليه الصلاة والسلام- لربه هو المعروف عن عائشة، وشددت في ذلك، وأنكرت على من أثبت، قال: وبهذا قال ابن مسعود وأبو هريرة، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (أنه رأى ربه بعينه) وروى عطاء عنه: (رآه بقلبه) يعني: لا بعينه، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- قال:(سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ فقال: ((نورٌ أنى أراه)) يعني استبعاد؛ لأن الله -جل وعلا- حجابه النور -وفي رواية- ((النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجه من انتهى إليه بصره)) والله المستعان.
على كل حال هذه المسألة خلافية بين الصحابة، من أثبتها كابن عباس ومن يقول بقوله لا يثرب عليه، ومن نفاها وهو قول أكثر الصحابة، وهو المرجح لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((نورٌ أنى أراه)) هذا هو المرجح، ولكن هذه المسائل العقدية إذا وجد الخلاف فيها بين السلف لا يكون المخالف فيها مبتدعاً؛ لأنه لا يمكن أن يوصف ابن عباس بأنه مبتدع، بينما المسائل التي اتفقوا عليها لو أن شخصاً أثبت غير ما اتفقوا عليه، ولو تشبث ببعض النصوص وبعض الأدلة، فإنه يوصف حينئذٍ بالابتداع.
[رؤية الله في المنام:]
يذكر في تراجم كثير من أهل العلم لا سيما من التابعين أنه رأى الله -جل وعلا- في المنام، فهل تمتنع رؤيته في اليقظة، وتكون ممكنة في المنام؟
في كثير من التراجم قالوا: إنه رأى الله -جل وعلا- في المنام، والرسول -عليه الصلاة والسلام- رأى ربه في المنام، رأى الله -جل وعلا- في المنام في حديث اختصام الملأ الأعلى، معروف وإلا ما هو معروف؟ فهل يختلف الحكم في رؤيته -جل وعلا- في اليقظة في الدنيا قبل الآخرة، وبين رؤيته -عز وجل- في المنام؟