للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: ((يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك)) ينادي الرب -جل وعلا- آدم وهو أبو البشر فيجيبه آدم -عليه السلام- لبيك وسعديك، وهما بلفظ التثنية والمقصود بلبيك إجابة بعد إجابة، وسعديك إسعاداً بعد إسعاد، فآدم يجيب ويقيم على إجابة الله -جل وعلا- ويطلب منه أن يسعده إسعاداً بعد إسعاد ((فينادي بصوت)) ينادي النداء من لازمه الصوت، فقوله: بصوت، تأكيد، وإذا أكد اللفظ امتنع إرادة المجاز، إذا أكد اللفظ سواءً كان بلفظه تأكيداً لفظياً أو تأكيداً معنوياً بمعناه، كما هنا انتفى إرادة المجاز، فينادي بصوتٍ ففي هذا إثبات الكلام لله -جل وعلا-، وأنه بصوت ((فينادي بصوتٍ إن الله يأمرك)) يعني يا آدم ((إن الله يأمرك)) وهذا من باب التعظيم، تعظيم الله -جل وعلا- نفسه، حيث لم يقل: إني آمرك، وبعض المبتدعة يقولون: إن المنادي غير الله -جل وعلا-، ولو كان الرب -جل وعلا- لقال: إني آمرك، فنسب الأمر إلى نفسه، يعني فماذا عن قول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ذ (٥٨) سورة النساء] فمن المتكلم هنا؟ هو الله -جل وعلا-، لكن كونه -جل وعلا- يعبر عن نفسه بهذا الأسلوب لا شك أنه من باب التعظيم، يعني كما يقول الملك في حاشيته: إن الملك يأمركم بكذا، أو لرعيته؛ لأن المتكلم العادي يضيف الأمر إلى نفس مباشرة بالضمير، يكني عن نفسه بالضمير ولا إشكال في هذا، إني أفعل كذا وآمر بكذا، لكن ليس هذا من أساليب التعظيم، إنما قاله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} لا شك أنه مع كونه أمر يحمل استشعار عظمة الآمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>