للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظاهرةً في اليونانيِّين والرُّوم قبل شريعة المسيح ﵇، فلما تنصرت الرُّومُ مَنَعوا منها وأحرقوا بعضها وخَزَنوا البعض، إذ كانت بضدّ الشَّرائع، ثم إنّ الرُّومَ عادت إلى مذهب الفلاسفة، وكان السبب في ذلك أنّ جُوليانوسَ بنَ قُسطنطينَ وَزَر له تامسطيوسُ مفسِّرُ كتب أرسطاطاليس، ثم قتل جوليانوس في حرب الفرس وعادتِ النَّصرانيَّةً إلى حالها وعاد المَنْعُ أيضًا، وكانت الفُرسُ نَقَلت في القديم شيئًا من كتب المنطق والطب إلى اللغة الفارسية، فنقل ذلك إلى العربي عبد الله بن المقفع وغيره، وكان خالد بن يزيد بن معاوية يُسمَّى حَكيم آل مروان فاضلا في نفسه، له همة ومحبة للعلوم، خَطر بباله الصَّنعة. فأحضَرَ جماعةً من الفلاسفة فأمرهم بنقل الكتب في الصَّنعة من اليوناني إلى العربي، وهذا أول نَقْل كان في الإسلام.

ثم إنّ المأمون رأى في منامه رجلًا حَسَن الشَّمائل فقال: من أنت؟ فقال: أنا أرسطاطاليس، فسأل عن الحَسَن، فقال: ما حَسُن في العقل، ثم ماذا؟ قال (١): ما حَسُن في الشرع، فكان هذا المنام من أوكد الأسباب في إخراج الكتب. وكان بينه وبين ملك الرُّوم مُراسَلاتٌ، وقد استظهر عليه المأمون فكتب إليه يسأله إنفاذ ما يختارُ من الكتب القديمة المخزونة بالرُّوم، فأجاب إلى ذلك بعد امتناع، فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم: الحَجَّاجُ بنُ مَطَر وابنُ البطريق وسَلْما (٢) صاحب بيت الحكمة، فأخذوا ما اختاروا وحَمَلوه إليه، فأمرهم بنقله فنُقِل، وكان يوحَنَّا بنُ ماسَوَيْه ممَّن يَنفُذُ إلى الرُّوم، وكان


(١) في م: "فقال"، والمثبت من خط المؤلف، وهو الموافق لما في عيون الأنباء ص ٢٦٠، وهو المصدر الذي ينقل منه المؤلف وإن لم يشر إليه.
(٢) هكذا في الأصل بخط المؤلف، وكذلك جاء في عيون الأنباء، وهو المصدر الذي ينقل منه المؤلف، ولا يستقيم، وفي الوافي بالوفيات ١٣/ ٢١٧: "سلمان"، وقد ذكر هذه الحكاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>