للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علمُ الحِساب

وهو: علمٌ بقواعدَ يُعرَفُ بها طُرُقُ استخراج المجهولات العددية من المعلوماتِ العددية المخصوصة. والمُراد بالاستخراج: معرفة كميّاتها.

وموضوعه: العدد، إذ يُبحَثُ فيه عن عوارضه الذاتية. والعدد هو الكمية المتألّفةُ من الوِحدات، فالوحدة مُقوِّمةٌ للعدد، وأما الواحد فليس بعددٍ ولا مقوم له، وقد يقال لكلِّ ما يقعُ تحتَ العد فيقع على الواحد.

ومنفعته: ضبط المعاملات وحفظ الأموال وقضاء الديون وقسمة الشركات ويُحتاجُ إليه في العلوم الفلكيّة وفي المساحة والطب، وقيل: يُحتاجُ إليه في جميع العُلوم، ولا يستغني عنه ملِكُ ولا عالِمٌ ولا سُوقةٌ، وزاد شرفًا بقوله تعالى: ﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]، ولذلك ألف فيه (١) النّاسُ كثيرًا وتداولوه في الأمصار بالتعليم، ومن أحسن التعليم عندَ الحُكماء الابتداء به؛ لأنه معارِفُ متَضِحةٌ وبراهينه مُنتظمة، فينشَأُ عنه في الغالب عقلٌ مُضيء دَرَبَ على الصّواب.

وقد يقال: إِنْ مَن أخَذَ نفسَه بتعلُّم الحِساب أول أمرِه يَغلِبُ عليه الصَّدقُ لِما في الحِساب من صحة المباني ومناقشةِ النَّفس فيصيرُ له ذلك خُلُقًا ويتعوَّدُ الصِّدقَ ويُلازمه مذهبًا. وهو مُستغلق على المبتدئ إذا كان من طريق البُرهان، وهذا شأنُ علوم التعاليم؛ لأنّ مسائلها وأعمالها واضحة، وإذا قصد شَرْحُها - وهو التَّعليلُ في تلك الأعمال - ظَهَر من العُسْرِ على الفَهم ما لا يوجَدُ في إعمال المسائل، وهو فَرعُ عِلم العدد المسمَّى بالأرثماطيقي، وله فروع أوْرَدها صاحب "مفتاح السَّعادة" (٢) بعدَ أنْ جَعَل علم العدَدِ أصلًا وعلم


(١) في الأصل: "فيها"، وكذا جاءت الألفاظ الآتية "وتداولوها"، "بها"، "لأنها" … إلخ بصيغة المؤنث، ولا وجه لها، لذلك غيرناها.
(٢) مفتاح السعادة ١/ ٣٦٨ فما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>